نرحب بكم قراءنا الكرام في هذه الحلقات التي نقدم من خلالها تنويرا صحيا يتعلق بأمراض الكلى مع الدكتور المختص في أمراض الكلى أحمد ولد السيد، فأهلا وسهلا بكم ومرحبا، وإلى نص الفقرة الأولى من هذا اللقاء التنويري الصحي:
الدكتور أحمد السيد: أهلا وسهلا بكم، في البداية أنا سعيد جدا لتقديم هذه الحلقات التي تطلبون عن الكلى، وما يتعلق بمرضاها وأرجوا الله سبحانه وتعالى أن يستفيد أكبر عدد ممكن من هذه الحلقات.
أقول وبالله التوفيق إن الكلية هي عضو صغير في البطن،كما هو معلوم وأنها عضو مزدوج ككل الأعضاء النبيلة في البدن وذلك لحكمة لا يعلمها سوى الله، ويبلغ وزنها تقريبا حوالي 150 اغراما وتحتوي على عدد من الوحدات الوظيفية، لا يمكن تصديقها، فكل كلية واحدة توجد بها مليون وحدة وظيفية ومن الأسباب الظاهرة لهذه المسألة، والتي هي في متناول العقل البشري أن الوظيفة الملقاة على عاتق هذا العضو الصغير هي كبيرة جدا، إلى درجة أن تكون هناك وحدات كبيرة بهذا العدد بحيث إذا تضرر بعضها يبقى البعض الآخر قادرا على القيام بالوظيفة على أكمل وجه، ولذلك عكسا لما هو متداول عاميا أنه لابد من كليتين لأداء وظيفتهما المطلوبة فإن الكلية الواحدة تستطيع أن تقوم بعمل الكليتين، بل أكثر من ذلك فإن جزء من كلية واحدة قادر أن يعمل عملا معاوضا بحيث يؤدي وظيفة الكليتين وهذا ينطبق على الرجال والنساء، وليس صحيحا كما هو شائع عند البعض أن المرأة يمكن أن تعيش بكلية واحدة، بينما الرجل لا يستطيع أن يعيش إلا بكليتين، فالواقع أن كليهما يستطيع أن يعيش بكلية واحدة، بل يستطيع أكثر أن يعيش بأقل من كلية إذا كانت بقية الكلية سليمة تماما، هذا العضو الصغير جدا في حجمه ووزنه يعتبر من ناحية الجوهر والوظيفة في غاية الأهمية، إذا كان يقال قديما إن الدماغ هو العضو الذي يربط بين فهمنا وعلاقتنا بالعالم الخارجي، فإن الكلية في الواقع هي الدماغ الداخلي للبدن، بمعنى أنها قد أوكلت إليها وظائف منها ما يسمى با "الاستتباب" والتوازنات الكبرى داخل الجسم، فهي المسيرة الأولى للماء وكما تعلمون فإن ثلثي كتلة الجسم هي ماء، ولذلك يقال إن الكائن الحي في الواقع هو عبارة عن خلية تسبح في محيط، باعتبار أن المجال الذي تسبح فيه الخلايا في الجسم هو ماء يشبه تماما ماء المحيطات، لأنه ماء مالح، والوظيفة الأساسية للكلى أنها تقوم بتسيير واستتباب وتثبيت الماء في البدن، والوظيفة الأخرى للكلية أنها تقوم بضبط وثبات قيمة وتركيز شوارد البدن، سواء في الخلايا أو في الدم، والشوارد هي مجموعة من المواد لها دور في غاية الأهمية في مختلف أنحاء البدن بعضها له أهمية خارج الخلايا، وبعضها مهم داخلها، فثبات هذه الشوارد هو غاية في الأهمية لأنها مرتبطة هي الأخرى بحركات الماء بين الخلايا وخارجها، وتقوم الكلية أيضا بدور هام جدا، وهو تسيير الكالسيوم و الفوسفات وهذه مادتان من المواد الأساسية للبدن في العضلات والعظام، وهذا يعني أن الجهاز الحركي مرتبط إلى حد كبير بثبات هاتين المادتين، الكلية أيضا هي العضو الأساسي فيما يعرف بثبات وتسيير ضغط الدم، وضغط الدم معناه قوة اندفاعه داخل العروق. وتعلمون أن الدم في الواقع هو وسيلة التواصل ووسيلة النقل الأساسية في البدن، وهو الذي يحمل المواد من مكان إلى مكان.
الكلية أيضا من الأعضاء الأساسية التي تقوم بإفرازات هرمونية، فهي المسؤول الأول عن إنتاج مادة تسمى "الإرتوبويتين"،وهي مادة مهمة جدا لإنضاج الكريات الحمراء، ولذلك أصحاب الفشل الكلوي ليسو قادرين على إفراز هذه المادة.
وتقوم الكلية أيضا بإفراز مادة فيتامين"د"،وأهم من هذا كله أن الكلية تقوم بإفراز هرمون يسمى"ارينين"،وهو الضابط لارتفاع الضغط الشراياني، والكثير من الأدوية المستعلمة اليوم لارتفاغ الضغط الشرياني هي مواد مضادة لهرمون "ارينين".
وتبقى الوظيفة العامة الأساسية للكلية أنها تقوم بتخليص البدن من السموم، وقد يسأل سائل أين السموم ومن أين جاءت؟
والواقع أن البدن به حوالي 17 مليار خلية، وكل خلية هي مصنع مستقل ينتج البروتينات والطاقة، وهذا المصنع يؤدي إلى تكوين آلاف المواد السامة التي يجب أن يتخلص منها البدن.
ونستطيع بالمجمل أن نقول إن العضو الصغير جدا المختفي في البطن من الداخل، هو في الواقع جهاز معقد، وفي غاية الدقة و(التعقل) بين قوسين.