نرحب بكم قراءنا الكرام في هذه الحلقات التي نقدم من خلالها تنويرا صحيا يتعلق بأمراض الكلى مع الدكتور المختص في أمراض الكلى أحمد ولد السيد، فأهلا وسهلا بكم ومرحبا في هذا اللقاء الذي يتناول الفشل الكلوي، وإلى نص الفقرة الأولى من هذا اللقاء التنويري الصحي:
الدكتور أحمد بن السيد: بسم الله الرحمن الرحيم، نبدأ هذه الحلقة المخصصة للفشل الكلوي ونقول إن الفشل الكلوي هو المرحلة التي تصل فيها الكليتان إلى الحد الذي لم تعد تستطيع فيه أن تخلص البدن من السموم الموجودة فيه وأن تكونا غير قادرتين على تأمين التوازنات الأساسية داخل الجسم مثل توازنات الاستقلالية وتوازنات الضغط والشوارد والمواد الناتجة عن الاستقلال وعندما نقول نتائج المواد الاستقلالية فإننا نقصد بذلك أن هناك حركة دؤوبة لكل خلية من خلايا البدن الذي يحتوي تقريبا 14 مليار خلية وكل خلية هي وحدة بناء كاملة، مثلا هناك وحدة لتصنيع الطاقة واخرى لتصنيع البروتينات وهناك أجهزة مهمتها تخليص الخلية من هذه المواد وهناك جهاز داخل كل خلية مهمته أنه ينتج الطاقة فهو محطة طاقة كبيرة جدا وهو جهاز يطرح الأشكال الغازية لمنتجات الاستقلاب.
عندما تكون الكلية عاجزة عن تفريغ تلك المواد كاملة فمعناه أنها مصابة بالفشل الكلوي والفشل الكلوي يعني أن يفقد الانسان حريته الاستقلابية، ما معنى ذلك؟ تعرفون أن السجن في الواقع هو تقييد للحرية المكانية بمعنى أن تصبح حركة الإنسان مقيدة بحدود معينة، وأن يفقد الإنسان حريته الاستقلابية معنى ذلك أنه لم يعد يستطيع أن يشرب او يأكل كما يشاء لأنه يعرف أن الذي يخلصه في الواقع من زيادة الماء هو الكلى فإذا كان الانسان لديه فشل كلوي وشرب أكثر من اللازم فإن الماء يبقى داخل البدن وفي تلك الحالة يؤدي ذلك إلى ارتفاع الضغط وعندما يرتفع الضغط فإن هذا الماء يذهب إلى الرئتين ويؤدي ذلك إلى الربو القلبي وهو مرض قاتل إذا لم تتم معالجته بالتصفية المباشرة عند أهل القصور الكلوي، لذلك أنا أقول إن الفشل الكلوي ليس مرحلة واحدة بل هو عدة مراحل يمكن تقسيمها إلى خمس مراحل:
-المرحلة الاولى تفقد فيها الكلية نسة 10% تقريبا من وظيفتها
- المرحلة الثانية تبقى لها نسبة 60% تقريبا
-المرحلة الثالثة حوالي 30 أو 40%
-المرحلة الرابعة حوالي 15إلى30%
المرحلة الخامسة هي التي تصبح فيها الكلية عاجزة تماما عن التكفل بتخليص البدن من مخاطر المواد الاستقلابية الموجودة.
من المهم القول إن هناك نوعان من الفشل الكلوي:
الأول الفشل الكلوي المزمن، والثاني الفشل الكلوي الحاد، والفشل الكلوي الحاد يحدث في حالات تصاب فيه الكلية بشكل مؤقت بمرض تصبح فيه غير قادرة على القيام بوظائفها وهذا النوع من الفشل الكلوي يعد من حالات الطوارئ الكلية التي تعتبر في غاية الاستعجال لأنها لو عولجت في وقتها يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعافي الكلية بشكل نهائي، ومن المهم أن ندرك أن الذي يفقد حريته الاستقلابية لا يستطيع أن يأكل اللحوم بالقدر الكافي بل يتحتم عليه أن يحد من كل المواد التي يمكن أن ترفع البول الدموي والإيرسمين لأن هذه مواد تطرح بالكامل عن طريق الكلية التي تنظم عملها والدورة الأساسية للكلى هو تنظيم مواد في غاية الأهمية وهي مواد الشوارد سواء منها تلك التي داخل الخلية أو تلك التي خارجها وثبات هذه المواد بتركيز محدد هو من ثوابت الحياة وتجاوزه يؤدي إلى الوفاة مباشرة، تلك المواد تقوم الكليتان بتنظيمهما في مجال محدد فعندما يحدث الفشل الكلوي فإنها ترتفع وتتراكم ولذلك فإن المواد الغنية بالبوتاسيوم يجب أن يتجنبها المصاب بالقصور الكلوي كما هو الحال في الموز والتمر والشوكلا والفاكهة، ولن يستطيع الانسان أن يستعمل ما يشاء من الملح لأن هذه المادة تبقى في البدن وتؤدي إلى ارتفاع الضغط المميت، يمكن القول باختصار إن هذه الحرية التي كانت لدى الانسان فيما يأكل تفقد تماما في حال القصور الكلوي وعندما يصل الإنسان إلى مراحل متقدمة من الفشل الكلوي فإن استعمال هذه المواد يصبح في منتهى الخطورة ويؤدي في الواقع إلى الوفاة مباشرة وهذا يعني أن الفشل الكلوي هو حصيلة لتدمير ممنهج ومستمر وصامت في أغلب الأحيان لهذا العضو المزدوج الذي يمتلك مليون وحدة وظيفية لدى كل فرد.