نرحب بكم قراءنا الكرام في هذه الحلقات التي نقدم من خلالها تنويرا صحيا يتعلق بأمراض الكلى مع الدكتور المختص في أمراض الكلى أحمد ولد السيد، فأهلا وسهلا بكم ومرحبا في هذا اللقاء الذي يتناول علاج مرض الفشل الكلوي، وإلى نص الفقرة الأولى من هذا اللقاء التنويري الصحي:
الدكتور أحمد بن السيد: بسم الله الرحمن الرحيم، سنتحدث في هذه الحلقة عن علاج مرض الفشل الكلوي، وكما قلنا سابقا سيكون العلاج محاولة تعويض الوظائف التي فقدتها الكلية جزئيا وكذلك محاولة لتأخير وصول الكلية إلى المرحلة النهائية، سبق وأن ذكرنا أن الفشل الكلوي يقسم إلى خمس مراحل والمرحلة الخامسة هي التي تستدعي منا أن نضع المريض على جهاز الغسيل الكلوي من أجل القيام بوظيفة الكلية ولكن خلال هذه المراحل الخمسة يمكن أن يمضي الإنسان عدة سنوات وهو في مرحلة الفشل الكلوي وفي تلك الحالة يلعب العلاج المساعد -كما يقال- دورا هاما في تأخير الوصول إلى تلك المرحلة، ومن الضروري هنا أن نشتغل على كل الوسائل التي يمكن أن تؤخر تلك المرحلة؛ لأنه مهما كانت الدرجة الموجودة لدى الكلية للعمل والتي تجعل الإنسان في غنى عن التصفية فإن هذا شيء عظيم ومهم جدا بالنسبة للمريض، وفي هذا الإطار تلعب الحمية دورا كبيرا جدا والمقصود بالحمية، كما قلت سابقا أن الكلية تقوم بدور هام في تنظيم وضبط ضغط الدم ومعنى ضغط الدم قوة اندفاعه داخل العروق فكلما كان هناك أي فشل كلوي فإنه عادة في 99% من الحالات يقع ارتفاع الضغط وارتفاعه من المعلوم أنه مدمر للكلية وهذه حلقة مفرغة فالضغط يؤدي إلى القصور الكلوي والقصور الكلوي يؤدي إلى ارتفاع الضغط وارتفاع الضغط يزيد من القصور الكلوي، لذلك نعمد في هذه الحالة إلى ضبط كامل لضغط الدم عند المصابين بالفشل الكلوي مهما كلف الأمر ذلك، ويجب أن يكون الضغط عادة تحت 12 على 8 (يعني تحت 12 في البسط وتحت 8 في المقام) وعندما يكون الانسان من أصحاب الفشل الكلوي وهو مصاب بالسكر فعليه أن يخفض الضغط أكثر من ذلك على أقل من 11 في البسط وأقل من 7 في المقام، إن ضبط ضغط الدم أمر في غاية الأهمية وذلك من أجل إبطاء الفشل الكلوي عن الوصول إلى مراحله النهائية التي تؤدي إلى ضرورة الغسيل الكلوي، فالمصابون بالفشل الكلوي مصابون بأمراض فقر الدم ولذلك يجب أن يعالج المصاب بفقر الدم لأنه من العوامل التي تؤدي إلى عملية تسريع الفشل الكلوي ووصوله إلى مراحل نهائية، أيضا كما تعلمون فإن الفشل الكلوي المزمن يؤدي إلى اضطرابات شديدة جدا في الموضوع وتسيير شوارد البدن ولذلك المصاب بالفشل الكلوي خصوصا أصحاب المراحل المتقدمة يجب أن يحذروا تماما من الملح ومن المواد التي تحتوي على البوتاسيوم مثل الموز والتمر والشوكولا والفواكه بشكل عام، المصابين بالفشل الكلوي لديهم أيضا زيادة في الحموضة لأن الكلية لا تستطيع أن تتخلص من شوارد الايدروجين المسؤولة عن الحمضويات في الدم والحموضة كما قلت سابقا من الثوابت الأساسية لاستمرار الحياة فعندما تزداد فإن ذلك يؤثر على وظائف الانزمات، إن الفشل الكلوي المزمن عندما يحدث فإنه يتطور بشكل تلقائي وحتمي اتجاه الفشل الكلوي التام وكل الذي نستطيع أن نفعله هو إبطاء هذه السرعة في الوصول إلى الفشل الكلوي المزمن فعندما يصل الانسان إلى ذلك فإنه يتحتم علينا أن نبحث عن الوسائل المتاحة وتعرفون أنه اليوم فيه ثلاث بدائل متاحة لعمل الكلية، أولا (وهذا هو الأمثل) أن نقوم بزراعة الكلية والأكثر شيوعا أن تكون زراعتها من متبرع قريب كالأخ او الأخت مثلا أو الزوج، النوع الثاني هو الغسيل الكلوي بالجهاز ويسمى الغسيل الدموي والمصاب بالفشل الكلوي يخضع لهذا الغسيل ثلاث مرات أسبوعيا في كل مرة منها يقضي أربع ساعات وهو مربوط إلى جهاز مهمته أن يأخذ دم المريض ويمرره على الجهاز من أجل تصفيته ويرجعه إلى مكانه وهذا العمل في الواقع هو عمل ميكانيكي بمعنى أنه عمل يحاول فقط أن يعطي جزء من وظيفة الكلية ولا تتعدى حوالي 10% تقريبا من وظيفة الكلية الطبيعية ولكنها تساعد في الواقع على إبقاء الإنسان حيا، إن حياة الغسيل الكلوي هي حياة في غاية الصعوبة لأنها تجعل الانسان مرتبطا بجهاز مهمته تصفية المواد الزائدة في البدن ونزع السوائل لأن الإنسان المصاب بالفشل الكلوي في مراحل متقدمة لا يستطيع البول وذلك أن أي قطرة ماء استعملها ستجتمع في البدن ولذلك من الوظائف الأساسية للتصفية الكلوية أنها تسحب هذا الماء الزائد بين تصفيتين ولذلك المصاب يوصى بعدم شرب أكثر من نصف ليتر أو ينظر كم يستطيع من البول خلال 24ساعة فإذا كان يبلغ ليتر ونصف فيمكنه أن يشرب نصف ليتر وإذا كان أقل من ذلك يكون شرابه أقل.
ينبغي ألا ننسى أن الخطورة الأساسية كما قلت سابقا أن صاحب الفشل الكلوي يفقد حريته في استعمال السوائل والأغذية.
هناك سؤال ينبغي أن نطرحه وهو:
ما هي الأشياء التي يمكن أن تؤخر الوصول إلى المرحلة الأخيرة من الفشل الكلوي؟
وفي الإجابة أقول إن "الحمية" على رأس تلك الأشياء التي تؤخر الوصول إلى الفشل الكلوي التام وخاصة تلك الحمية المتعلقة باستعمال البروتينات، لا تنسوا أن تأثير البروتينات على عمل الكلية هو مثل التأثير الذي يقوم به الجري السريع على القلب فعندما تركضون بسرعة ستلاحظون أن القلب تزداد ضرباته ولهذا فإن البدن يحتاج إلى شحنات دم كبيرة وبالتالي على القلب أن يعوض هذه الحاجة المتسارعة فالبروتينات لها نفس التأثير على الكلية لأنها تزيد في عملها لذلك يجب التقليل من استعمال البروتينات وخاصة تلك التي توجد في اللحوم الحمراء وآدلكان والألبان وغيرها من المواد الغذائية، ومن الضروري للمصاب بالفشل الكلوي أن يركز على هذا الموضوع.
ذكرنا أيضا أن الكلية لها دور هام في توازن الكالسيوم في البدن وذلك لأنها كما قلنا سابقا هي التي تنضج الفيتامين d والفيتامين "د" كما قلنا المرحلة الاولى من إنضاجه تتم في الكبد عن طريق وضع جذر الهيدروسي على الكربون 25 والكلية تقوم بعد بوضع جذر الهيدروسي على الكربون 1.
المصابون بالفشل الكلوي ينقص عندهم الكالسيوم بسبب نقص فيتامين "د" ولذلك ينصحون اليوم بفيتامين د من أجل ضبط الكالسيوم.
كانت تلكم مجرد عجالة صغيرة عن علاج الفشل الكلوي المزمن وقانا الله وإياكم منه وكل هذا يؤكد أن هذا العضو الصغير المزدوج داخل البطن، الذي تقتحمه العين ولا تكاد تراه أنه يقوم بعمل لا يمكن تصوره أبدا.