النص الكامل لكلمة ممثل حزب اتحاد قوى التقدم محمد الامين بي خلال الندوة التي نظمها موقع الفكر عن الحوار السياسي المرتقب العوائق- الفرص- الآفاق مساء الثلاثاء01/03/2022 بمقر الموقع.
اسمحوا لي في البداية أن أشكر موقع الفكر على هذه السانحة وربما أفضل طريقة للمساهمة في هذا النقاش، هي أن أبدأ من حيث انتهى الاستاذ محمد عبدالله بأن الكرة الآن في مرمى المعارضة، ولابد من التمهيد والتذكير بالسياق العام الذي أتت فيه إشكالية الحوار، وأعتقد أن التوطئة التي قدم بها ذكر من خلالها مسلمات لا خلاف عليها حين ذكر أن الحوار هو النهج المناسب والأمثل للتغلب على مشاكل وتناقضات المجتمع وخلافاته السياسية، وهناك مسألة أخرى يتطرق لها المتدخلون أحيانا وهي الحديث عن أول من طالب بالحوار، هل هم المعارضة أم الموالاة؟ فأعتقد أن هذا ليس هو المهم وإنما المهم أن نتفق جميعا وتتفق قوانا الحية حول كلمة سواء ،نعالج من خلالها الاختلالات الكبيرة التي يعاني منها مجتمعنا في المجال السياسي والاقتصادي، وهناك البعض الآخر يقول إنه لا ضرورة للحوار، لأنه لا توجد لدينا أزمة حقيقة إذ لا توجد ولله الحمد حرب أهلية، فأقول لهؤلاء إنني أتحفظ على قولهم هذا فالأزمة لا تعني بالضرورة الحروب الأهلية، وإنما قد تتمثل في سوء الحكامة، وحين نقول إن هناك أزمة ليس بالضرورة أن الهدف من ذلك مجرد الهجوم أو التحامل على السلطة والعكس صحيح، فحين يقول البعض إنه لا توجد أزمة فليس بالضرورة أن يكون ذلك دفاعا عن السلطة. فينبغي أن نكون في مستوى لا نتناول قضايانا السياسية من زاوية ضيقة، بحيث يصبح الموالي لا يرى إلا محاسن السلطة والمعارض لا يرى الا المساوئ فالأمر في النهاية نسبي.
الدعوة للحوار جاءت في سياق جديد مع مجيئ هذه السلطة، وأتت في ظرفية فيها آمال كبيرة على أن تحدث قطيعة حقيقية مع بعض الممارسات والسياسيات، والتوتر الذي دام قرابة 11 سنة وشهدنا خلالها الكثير من التوتر وسياسة، الإقصاء والتهم وتبني سياسية الأحادية في تسيير الشأن العام وعدم التشاور مع الآخرين وهذا نهج فرض على المعارضة حينها أن تكون دائما بين "المسجدين"،في مسيرات احتجاجية لأنها ليس لديها خيار آخر، نحن يفترض نظريا أن نكون في ديمقراطية تعددية والحالة الطبيعية ألا نكون دائما في الشارع وفي صدام مع السلطات، ومما يرغمنا على ذلك أن تكون السلطة الحاكمة قد أغلقت جميع أبواب التواصل التي يفترض أن تكون موجودة بين السلطة والمعارضة، إن قنوات التعبير الطبيعية في الديمقراطية والمتحضرة هي أن تكون لدى المعارضة مكانتها ودورها، وأول شيء في دورها أن نعتبر أنها مساعدة ومكملة لدور السلطة، وليس معنى ذلك التزلف للسلطة وإنما يعني أن تبين مكامن الخلل والنواقص وأن لا يكون الغرض من ذلك الإساءة، بقدر ما هو يكون من أجل الحث على الاصلاح وسد الثغرات والنواقص، فهذه مسؤولية جماعية على الجميع، نحن يأخذ علينا البعض الكثير من المآخذ ويتهمنا بقوله "أين المعارضة؟"، ووصفه لها بأنها قد ماتت فينبغي أن ننصف المعارضة ونلتمس لها أحسن المخارج، فمما يحسب لها أنها عاشت طيلة 11 سنة من المضايقات وهي صامدة حتى جاء هذا النظام الجديد، وقال إن لديه نهجا آخر مختلفا وإن عصر الإساءة إلى قادة المعارضة وتهميشهم وإقصائهم والتنكيل بهم، قد انتهى فرحبت المعارضة بهذا المنطق انطلاقا من مبدأ أن من جاءك بالصلح فلا يمكن أن ترفضه، بل يجب أن تقبله لكن ليس من أجل الصفقات المشبوهة، أو منفعة شخصية للمعارضة فهي في النهاية مسؤولة عما يدفع مسيرة البلد نحو الاصلاح، صحيح أن هذا المسار قد أعلن عنه في فبراير 2021 وكان من المفترض أن ينطلق في الشهر الموالي، ولم يكن أحد يتصور أن الفرقاء السياسيين يمكن أن يجتمعوا في بوتقة واحدة بعد تلك السنوات العجاف، وربما تجربة كورونا مهدت لذلك، فتكونت منسقية المعارضة وأصبح الجميع يجلس على طاولة واحدة بعد أن كانت أحزاب المعارضة أنفسهم لا يجلسون في مكان واحد، وسأعطيكم مثالا بسيطا من تجربتي الشخصية، حين وقع الانقلاب الأول ونشأت الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية كانت تلك الجبهة أول فرصة ومناسبة تعرفت فيها عن قرب على حزب تواصل، وبعض قادته حيث كنت ضمن لجنة تجتمع بشكل دوري في مقر حزب تواصل وتعرفت على كثير من قياداتهم وأطرهم هناك، وقبل ذلك كان الكل ينظر إلى الآخر نظرة "اكليشات تقليدية"، ويكيل التهم للآخر وهذا هو المفيد في السياسية أن يلتقي الجميع وليس مجرد اللقاء غاية في حد ذاته، وإنما الغاية أن يساهم اللقاء في الاصلاح، صحيح أن الحوار منذ أعلن عنه وهو يتعثر ويتم تأجيله بشكل غير مبرر، ونعتبر الآن أنه ليس هناك ما يبرر تلك المماطلة التي وقعت فيه.
وخلاصة القول إن تأخر الحوار اليوم لم يعد له أي مبرر، وينبغي لجميع الأحزاب السياسية وجميع المرشحين السابقين للرئاسيات وبعض الشخصيات السياسية المستقلة أن يتفقوا على تشكيل لجنة لتنظيم الحوار بدل أن تكون لجنة الإشراف والتنظيم من غير المتحاورين، وأفضل طريقة للحوار هي ما ذكرها رئيس الجمهورية حين قال إن الحوار سيكون شاملا ولن يتم إقصاء أحد منه ،وسيناقش جميع المواضيع دون تحفظ وهذا الرأي يعبر عن آرائنا جميعا ،فليس هناك اليوم موضوعيا ما يمكن أن يحتج به عن المماطلة في هذا الحوار،وتأخيره ،وأنا أعتبر أن أي طرف تسبب في تأخيره وتأجيله يتحمل مسؤولية تاريخية، قد تفوت على بلدنا وعلى مجتمعنا فرصة تاريخية نحن أحوج ما نكون إليها.