النص الكامل لكلمة ممثل حزب تكتل القوى الديمقراطية سيدي محمد اسماعيل خلال الندوة التي نظمها موقع الفكر عن الحوار السياسي المرتقب العوائق- الفرص- الآفاق مساء الثلاثاء 01/03/2022 بمقر الموقع.
بسم الله الرحمن الرحيم وأصلي على نبيه الكريم، في البداية أشكر موقع الفكر على هذه السانحة الكريمة، وأذكر أنه بعد الانتخابات الرئاسية الماضية (وبمناسبة الذكرى الثامنة عشر لتأسيس حزب تكتل القوى الديمقراطية) ،أقام الحزب طاولة مستديرة شخص فيها الواقع السياسي للبلد، ومن خلال تلك العملية توصل الحزب إلى أن مجموعة من المخاطر -بعضها داخلي وبعضها خارجي- تتهدد هذا البلد وكان من مخرجات تلك الطاولة أن الحزب سيدعو إلى إجماع وطني، وإلى لم شمل القوى السياسية من أجل التصدي لهذه المخاطر، وبمناسبة مخرجات هذه الطاولة وكذلك ذكرى تأسيس الحزب ألقى السيد الرئيس أحمد ولد داداه كلمة وجهها إلى الطيف السياسي بصفة عامة، ودعا فيها إلى التوافق على تشاور موسع يشمل جميع الموريتانيين ولا يستثني موضوعا، يؤدي إلى التصالح الوطني من أجل التصدي ودرء هذه المفاسد والمخاطر المحدقة، وأنتم تعرفون أنه ما من بلد في العالم تتهدده مخاطر مهما كانت تلك المخاطر إلا وهرع إلى بعض مصادر القوة الموجودة في أعماقه، ونحن نرى أن لم الشمل وتوحيد القوى الوطنية هو أهم قوة يمكن أن نواجه بها المخاطر التي قمنا بتشخيصها من خلال تلك الطاولة، بعد ذلك تعزز هذا التوجه من خلال الأحزاب المشكلة للبرلمان لمواجهة كورونا وتطور هذا الموضوع وكبر مع الأيام،وبدأ الحديث عن القضايا الوطنية الكبرى،وأخرجت وثيقة خارطة الطريق وكانت وثيقة مهمة جدا وقد حددت هدفين للحوار أو التشاور وهما:
-إيجاد إجماع وطني واسع لمختلف القضايا التي يواجهها البلد
-القيام بإصلاحات جوهرية تفضي إلى العدل والمساواة وتحكيم القانون.
توج أيضا هذا التوجه بالاجتماع الذي عقد في يوم 27 اكتوبر في الأكاديمية الدبلوماسية الخارجية وحضره مختلف قادة الطيف السياسي، ومهما يكن من أمر فقد لاحظنا بعد ذلك أن فتورا ما قد شهده هذا الحوار، وأنا شخصيا أرى أنه إذا ما سلم هذا الحوار من تطرف بعض الصقور في الطرفين، سواء في المعارضة أو في الموالاة، وأصحاب المواقف الحدية فإن فرصة انعقاده وانطلاقه ستكون ممكنة خلال أيام، لأن هذا البلد والحمد لله مليء بالعقلاء والوطنيين من مختلف المشارب السياسية، وعلى مختلف الضفاف سواء في الأغلبية أو في المعارضة، ولا شك أن المعارضة ستكون رابحة إذا ما انطلق قطار الحوار، وكذلك الأغلبية ستكون رابحة والسلطة أيضا بمجرد انعقاد الحوار ستكون رابحة هي الأخرى. بغض النظر عن مخرجاته حتى ولو لم تلب تلك المخرجات طموح الناس أو لم يتمخض عنها شيء كبير، بينما يظل ربح المعارضة متعلقا بمخرجات هذا الحوار وبمدى ما تستطيع المعارضة أن تستخرجه من هذا الحوار، فيما يصب في مصلحتها من الشفافية والإشراك السياسي.
الموضوع الذي كلفت به هو "الحوار وآفاق المكاسب السياسية" أو ما يمكن أن أسميه انتظارات المعارضة من الحوار فهذا الموضوع كان من المفترض أن يكون لدى المعارضة مسودة ترتب فيها أولويات الحوار، وبالتالي يمكنها بعد الحوار أن تقيس مدى نجاحه أو نجاعته ولكن المعارضة -حسب اتصالي ببعض أطرافها- لم تشكل حتى الآن تلك اللجنة، وربما تنتظر أن يكون الحوار قريبا، من أجل التحفظ على تلك البنود التي ستقدمها وتسعى إلى تحقيقها من خلال الحوار، أنا أرى بصفة مجملة أن المعارضة يجب أن تسعى من خلال هذا الحوار إلى تكريس الديمقراطية والشفافية،والحكم المدني وإبعاد كل المؤثرات غير المدنية عن السلطة وأن تسعى لترسيخ الحكامة الرشيدة، ودولة المواطنة التي تسوي بين جميع أفرادها بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو القبلية أالجهوية أو الأثنية، أرى أن هذه هي أهم المرتكزات التي يجب أن تنطلق منها المعارضة.
بالنسبة للشق السياسي المتعلق بتكريس الديمقراطية فأرى أن تسعى المعارضة إلى كسب مزيد من النسبية، فلا شك أن اللوائح الوطنية ولائحة نواكشوط قد صبت في مصلحة المعارضة بصفة عامة ونحن أصبحت عندنا مجالس جهوية على مستوى الولايات، وأنتم تعرفون أنه في المقاطعات إذا ما حسم الحزب الحاكم 50% من الأصوات زائد 1 فإنه يكسب كل المقاعد، فأرى أن تسعى المعارضة إلى إيجاد وخلق لوائح نيابية جهوية من شأنها أن تجعل من المعارضة شريكا سياسيا حقيقيا، ويمكن لأحزاب لم تصل قبة البرلمان في الماضي أن تصل وسيجعل ذلك منها شريكا سياسيا فاعلا وسيحد من سيطرة الحزب الحاكم داخل البرلمان.
نلاحظ كذلك من خلال التهدئة التي أطلقها السيد الرئيس وتسود الواقع السياسي الآن، أن ثمة مستوى من الأخلاق إذ لم يعد الخصوم أعداء وطن، وأصبح التعاطي مع السياسيين تعاطيا طبيعيا، وأرى أن تنتقل عدوى هذه المسلكيات إلى الانتخابات، ويجب أن تسعى المعارضة إلى إبعاد تأثير الدولة ووجودها والاستغلال الفج لمعنوياتها لصالح جهة معينة، وأن يخرج هذا الحوار بمقتضيات تتضمن طي صفحة الماضي، وأن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع المتنافسين السياسيين، يجب كذلك على المعارضة أن تسعى للتحكم في العملية الانتخابية ففي الداخل هناك بعض رجال الأعمال والنافذين يعمدون إلى خلق بؤر انتخابية، حيث تجد قرية عدد سكانها في الإحصاء الوطني للسكان لا يتجاوز 200 شخص، ومع ذلك يبلغ عدد ناخبيها إلى 4000 فهذه عملية إغراق انتخابي يجب التصدي لها، وينبغي التحكم في العملية الانتخابية ومنع تسجيل الناس غيابيا، وألا يسجل على اللائحة الانتخابية إلا من يقيم داخل تلك التجمعات.
أما بالنسبة للشق الاقتصادي والاجتماعي فأرى أنه يجب البحث عن آلية جديدة لرقابة المال العام، وكذلك تفعيل دور محكمة الحسابات ومفتشية الدولة، وأن يتم نشر التقارير التي تصدر عن هذه الجهات حتى تكون معروفة عندنا، وأن يترتب عليها شيء كمحاسبة المفسدين وتكريم المحسنين.
أخيرا أريد أن أقول إنني متفائل أن المستقبل سيكون بإذن الله مستقبلا زاهرا، وخصوصا أن الأغلبية قد انتدبت لنا في هذه الندوة الدكتور والأستاذ محمد عبدالله ولد بينا، فتلك رسالة أنا أفهمها وأقدرها ،وقد وصلت على الوجه المطلوب.