الطماطم والجزر! ( تدوينة) / خالد الفاظل

 

في سبتمبر 2019؛ التقيت بمدينة طنجة بمواطن موريتاني مقيم في إسبانيا، جمعتنا رحلة العودة في سيارته؛ مررنا في الطريق بمزارع الخضروات، حدثني أنه في أحد الأعوام؛ جلب معه مستثمرا إسبانيا ينحدر من عائلة "أرستقراطية" وبلغ من العمر عتيا، وأراد في أواخر عمره أن يستثمر ويفيد شعبا آخر من تجاربه؛ عندما زار موريتانيا وتأمل الضفة وما جاورها ذهل من خلو هذه الأرض الخصبة من الاستثمار! خطط العجوز جيدا لمشروع عملاق جالبا معه الخبراء، سيمد من خلاله المزارعين بالخبرة إضافة إلى تقاسم أرباح المحاصيل التي ستعين سوقنا المحلية وتساهم في بلوغها الاكتفاء الذاتي من الخضروات..

لما سلك ملف المشروع المثمر أروقة الإدارة والوزارات تباطأ سيره، ولقي برودا وجفاء وبعض الاهتمام انحسر في السؤال والاستفسار عن "كومسيوه"، عاد المستثمر لبلاده حزينا ربما ليس على نفسه، بل على دولة مسيرو مصالحها مناعون للخير رغم أنهم وظفوا حتى يخدموا هذا الشعب المسكين.

في مارس 2018 كنت عائدا من دكار في السنغال وركبت مع مواطن موريتاني يمتهن النقل، اخترنا الطريق التي تمر بسد "دياما" مرورا بمدينة كرمسين. أصبحنا في الجانب السنغالي من الحدود، اشترى السائق كوبا ساخنا من الحساء من البائعة الجالسة في مكان تجمهرت فيه باصات ينزل الناس منها أفواجا صوب أعمالهم. سألته ما خطبهم؟

أجابني أنهم يعملون في مشروع تعود ملكيته إلى مستثمر من دولة أجنبية، ذهلت من فرص العمل التي وفرها المستثمر لكل هؤلاء العمال! وذهلت أكثر بكثير لما أخبرني السائق بأن نفس المستثمر بدأ نشاطه في موريتانيا، لكنه لم يستطع مواصلة ما بدأه بسبب الطرق الملتوية والعراقيل التي واجهته؛ فترك عنه بلادنا وذهب إلى السنيغال...

القصص كثيرة وما خفي كان أعظم. 
حدثونا عنها إن كانت لديكم منها نماذج؟ 
اليوم ارتفعت أسعار الخضار بسبب الإغلاق الذي أصاب معبر "الكركارات" الصحراوي وتوقف الشاحنات المحملة بالخضار القادمة من المغرب.

إن دولة لا تزرع ما تأكله؛ عليها أن تتوقف عن الفخر والاستماع إلى أمجادها في مقام "فاغو" حتى تزرع طعامها، وعلى جميع مثقفيها أن يخجلوا من أنفسهم وهم يطبلون لكل من وصل إلى السلطة ويشتمونه إذا رحل عنها دون أن يخلق نهضة زراعية تنفع الناس وتمكث في الأرض.

هنا نواكشوط. الساعة 18:43 وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..

خالد الفاظل