الاعتدال في النظرة إلى المجتمع وتحديد هويته:
ومن دلائل الاعتدال والتوازن في تربية الإخوان، كما فهمها حسن البنا ونفذها: نظرته إلى المجتمع وعلاقة الإخوان به، فهي نظرة وسطية معتدلة، تنظر إلى المجتمع من أفق رحب، ومن زوايا متعددة، وبمنظار سليم لم يشبه الغبش والقتام.
فليس هو مجتمعاً خالص الإسلام، كامل الإيمان، كما يتوهّم السطحيون من الناس الذين يشيعون أن أمّة محمد بخير، وأنه لا ينقصنا إلا العلم و(التكنولوجيا) ،وبذلك تنحل كل العُقد، وتنفض كل المشكلات.
فلا شك أن المجتمع في شتى بلاد الإسلام يعاني أمراضا خطيرة، عقدية وفكرية وخُلقية واجتماعية، وأن الفساد قد تغلغل في شتى نواحيه: فساد في العقول، اضطربت به العقائد والمفاهيم، وفساد في الضمائر، اضطربت به الأخلاق والأعمال، وفساد في التشريع، اضطربت به النظم والقوانين، وفساد في الأسرة، اضطربت به العلاقات بين الأزواج والوالدين والأولاد، وفساد في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كلها، جعل بلاد المسلمين في مؤخرة العالم بعد أن كانت في الطليعة من قافلة البشر، ومأخذ الزمام منها.
ولا شك أن هذا كله نتيجة ضمنية للانحراف عن الإسلام الصحيح، فهماً وإيماناً وتطبيقاً. ولولا هذا ما كان المجتمع في حاجة إلى دعوة جديدة، تصحح فهمه للإسلام، وتجدد إيمانه به، وتدفعه بالتوجيه الراشد،والتربية السليمة على حُسن تطبيقه.