ربما كانوا يمنون النفس بغير ماوقع، أو يتطلعون لغير ما تم تداوله، كأن يتحدث الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى بمنطق الجاهل بما يجرى فى وطنه ، أو بمنطق المكابر والمغرور بما أنجز ، لتجد الأقلام غير المنصفة ضالتها فى خطاب الرئيس المعزول عن واقع الشعب الذى أختاره دون إكراه ، أو الفاقد للإحساس بما يدور حوله ، و المغيب من طرف المنظومة الأمنية والتنفيذية المحيطة به عن آلام الناس وآمالها، ولكن قدر الله وماشاء فعل...
لقد كان الرئيس صريحا فى عرضه، صادقا فى حديثه - والصدق قيمة أخلاقية كبيرة فى عالم السياسة - متوازنا فى طرحه، حيث تناول آلام بلده دون رتوش مع نخبته المهاجرة، فلا مجال للخداع والتلاعب بمشاعر المواطنين، مهما بعدت بهم الشقة، وغررت ببعضهم أرقام غير المختص، وصورت لهم أوضاع البلاد وحاكميها بمنطق يفتقد أصحابه للتوازن المطلوب والموضوعية فى تناول الشأن العام.
لا أحد يعتقد أن مهمة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى هي إعطاء صورة عن الواقع مهما كان شكله، بل لديه مهامه المنصوص عليها فى الدستور والتزاماته المترتبة على قيادة البلد ، كالعبور به نحو واقع أفضل، وتكريس الديمقراطية، وتعزيز الحكامة، ومحاربة الفساد، و رفع المظالم، وإعادة توزيع الثروة بين أبناء البلد الواحد . لكن الإحساس بالواقع والشعور بمرارة الوضع القائم خطوة أولى نحو التغيير ، ومنطق أي حراك جاد من أجل الإصلاح، ومن لايستشعر واقع البلد الذى يديره غير قمن بالقيادة، وغير جدير بالاحترام أو الثقة والدعم.
لقد صدقكم التشخيص، وحثكم على العمل، وكان واقعيا فى طرحه، مؤمنا بإمكانية التغيير، ومتمسكا بالتواضع فى مساره، فلا تأخذكم الأحلام بعيدا، فلا الرجل - كما هو معلوم عنه ومشاهد - ممن يستقيل من المسؤولية، أو يتخلف عن الركب، أو تجبره الظروف مهما كانت على الاستسلام للأمر الواقع، ولكنه منطق الصراحة والصدق، وللعمل ميدانه ، وقد بدأت ملامح الحراك المعقلن تشاهد فى كل ربوع الوطن، أسرة للمرضى داخل المراكز الصحية الجديدة، وكراسى للتلاميذ داخل المؤسسات التربوية المكتملة ، وأسمدة للمزارعين مع دعم معقلن، وتأطير مستمر ، ومياه للعطاش داخل البلد وعلى أطرافه لأول مرة، وتأمين صحى للعاجز والمضطر، ناهيك عن أخلقة الشأن العام، وإنهاء حالة الاحتقان واحتقار الآخر، ووضع حد لثقافة الإقصاء والشحناء بين المواطنين، وإنهاء منطق التمكين للحاكم ومعاونيه فى المتاح من ثروات البلد دون منافس، والحصيلة كما تعلمون وتعيشون بلد فقير وشعب فقير ...