حاجة الأمة والبشرية اليوم إلى الوسطية الإسلامية
إن أمتنا اليوم تعّد في ذيل القافلة البشرية، بعدد أن كانت في مقدمتها. وكل بلادها معتبرة في العالم الثالث، وربما لو كان هناك عالم رابع لدخلت فيه عدة أقطار منها. وكلها محسوبة في (البلاد النامية) وكلها في حاجة إلى الخروج من هذه المآزق، ومن مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية المزمنة. ولن تخرج منها إلا بتبني الوسطية الإسلامية.إنها بذلك تصلح نفسها، وتصلح البشربة معها.
إن البشرية اليوم – تحت سلطان الحضارة المادية – مهددّدة بطوفان كطوفان ندوح، يمكن أن يأتي على بنيانها من القواعد، ولا بد لها من سفينة كسفينة نوح، يعصمها الله بها من الهلاك والدمار .
ولن تكدون هذه السفينة إلا رسالة الإسلام، التي جعلها الله رحمة للعالمين وهداية للحائرين، وأودع الله فيها كل مواريث النبوات الهادية، مصفاة من الزوائد والشوائب والنواقص.
ولكن هذه الرسالة في حاجة إلى أمّة تمثّلها وتتمثلها، وتعطي للبشرية الأسوة والنموذج. كما أعطت أمة الإسلام في القرون الأولى، ودخلت الأمم في دين الله أفواجاً.
أُمّة يتجسد فيها الإسلام: توحيداً خالصاً، وإيماناً صادقا، وعلما نافعا، وعملاً صالحاً، وخُلقاً فاضلاً، ودعوة إلى الخير، وتواصيا بالحق والصبر وتعاونا على البر والتقوى، وجهاد اً في سبيل ذلك كله، حتى تكون بحق خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله .
أمّدة يرى الناس فيها نموذجا جيداً للمجتمع الإسلامي، الذي طال انتظار ميلاده.
المجتمع الإسلامي بعقائده وتصوراته، بشعائره وتعبّداته،بأفكاره ومشاعره، بأخلاقه وفضائله، بمبادئه وتقاليده، بقيمه ومثله، بتشريعاته وقوانينه،باقتصاده وماله، بلهوه وفنونه[1]. وهو ليس مجتمع ملائكة، ولكنه مجتمع بشرتحكمهم في الأرض هداية السماء.
أمّة وسط، لا تنتمي إلى اليمين ولا إلى اليسار، لا إلى الشرق الشيوعي ولا إلى الغرب الرأسمالي،أمّة متميزة الوجهة، مستقلة الشخصية {شَورْقيِةٍّ وَلا غَرْبيِّةٍ يَكَادُ زَيْتهَا يضِيءُ وَلَوْ لَمْ تمْسَسْهُ ناَرٌ نوُرٌ عَلَى نوُرٍ} النور:35.