لن نصلح بديلا إذا قلدنا حضارتهم:
لن تستطيع أمّتنا أن تقدم البديل للحضارة المعاصرة، إذا هي قلدت هذه الحضارة واتخذتها مثلها الأعلى، واتبعت سننها شبرا بشبر، وذراعا بذراع، كما دعا إلى ذلك من دعا من قومنا، في وقت من الأوقات، زاعمين أننا لن نسلك سبيل الرقي، مالم (نفن) في الأوروبيين، وما لم نقلد حضارتهم بجذورها وفروعها، أو – كما قال –بخيرها وشرّها، وحلوها ومرّها، ما يحب منها وما يكره، وما يُحمد منها وما يُعاب.
لقد أريد لنا يوماً أن نتخلى عن هويتنا العربية الإسلامية، لنلحق بالبحر الأبيض المتوسط – وبعبارة أخرى – بالشاطئ الأوروبي منه.
كما يراد اليوم أن ننسى هذه الهوية أو نتناساها، لنلحق بما سمّوه (الشرق الأوسط الجديد، أو الكبير!) – وهو التعبير البديل للعالم العربي والعالم الإسلامي – حتى ننصهر مع (إسرائيل) في بوتقة واحدة، وتجمعنا حضارة (شرق أوسطية) جديدة، لا تفرّق بين عربي واسرائيلي، ولا بين إسلام ويهودية! وبذلك نفقد حضارتنا المتميزة، ورسالتنا المتفردة، ودورنا المنشود.
إنما تستطيع أمتنا أن تتقدم البديل إذا تمسكت (بمشروعها الحضاري المتوازن المتكامل) بجذوره الإيمانية، وفلسفته الأخلاقية، ووجهته الإنسانية، ونزعته العالمية واستماتت في الحفاظ على هويتها ورسالتها، وسيكون هذا في صالحها، وصالح البشرية معها.