اولا اعاده الله علينا وعليكم باليمن والرحمة والسعادة وبعد فهذه وصية عامة لكل مسلم؛ فكما ان كل صائم مخاطب وحده امام الله بهذا الصوم
فسيكون جزاؤه مثل ذلك.
وعليه فلينظر من يخاطبه يقول تعالى :
((يايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام)) اي : يأيها البالغ سن فهم خطاب الله نفسه هو الذي كتب عليك الصيام عند حلول رمضان سواء كنت ملكا او ماسح احذية ومابين ذلك.
اذا عليك ان تتوقف هنا لتتبين هنا من يخاطبك و بأى صفة كنت وعد الى القران لمعرفة ذلك و لتسمع قوله تعالى : ((الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور)) فعندئذ اخرج عن المنزل لتنظر الى ما بين يديك من السماء والارض والظلمات والنور فاذا بقيت منك بقية فانظر حقيقتك واسال نفسك من انا حتى يخاطبنى خالق هذا الكون فسيرد عليك المولى عز وجل بحقيقته وحقيقتك بقوله تعالى : ((اني انا الله لا اله الا انا فاعبدنى واقم الصلاة لذكري ان الساعة اتية اكاد اخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي)).
وهنا يظهر استقلالك بخطاب الله لك واستقلال مجازاته لك على عملك ..
ووقفتك هذه للنظر فى ملكوت السماوات والارض وان عسى ان يكون قد اقترب الاجل لا بد ان تذكرك بالنظر فى نفسك من اين اتيت وما مصيرك؛ فسيجيبك القران اجابة تستوى فيها انت ومن حولك مهمى كان شكله ومواهبه يقول تعالى : ((هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل)).
ولهذه الاية مثيلاتها كثيرة فى القران لابد ان يضع فيها المفكر بعد قراءتها خده على الار ض مستسلما لحقيقته الماثلة امامه وبها يتيقن نتيجتها المصاحبة لها ولكن فى علم الغيب امامه ثم الى ربكم تحشرون...اليه مرجعكم جميعا ...والينا المصير الى اخر ذلك من الآيات التى يتيقن بها مصيره كتيقنه لصدق رؤيته لحياته كما وصفها الله وكل هذا منزل من ربك بالحق.
وبعد تمكن هذه العقيدة نعود لقضية رمضان حاملين لها وراغبين ان تبشرنا الملائكة بامر ربها ساعة انتهاء اجلنا بقوله تعالى:(( وبشر الذين امنو ان لهم قدم صدق عند ربهم)).
ومن اسباب لقاء هذا الوعد كما قال الله: (( افمن وعدناه وعدا حسنا فهولاقيه)) فتحه تعالى لهذه المواسم ليعطى للمعوزين فى العمل باوامره فرصة عند مواسمه التى يفتحها لمضاعفة ثمن سلعة المسلمين ولكن بشرط ا ن يقدمها المسلم خالصة ليبيعها لله وحده،فالله دائما يشبه عمل المسلم بالتجارة والاجر عليها بالثمن يقول تعالى : ((يايها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تومنون بالله ورسوله)) الى اخره.
فموسم رمضان من هذه المواسم التى يمتد فتحها٣٠ يوما وكل ما تاخر ايام الموسم يزيد الله فى ثمن السلعة حتى تأتى ليلة القدر يكون ثمن السلعة فيها لا يتخيله البائع ولا يعرف قدره الا الله وقربه الله لتشويق المسلم بانها خير من الف شهر..
وانبه هنا على ان هناك تسمية لرمضان قاصرة وهي كونه ضيفا لمجرد طرو حضوره ورحيله ولكن بعض الضيوف مقامه ثقيل ورحيله راحة غير تارك لاي خير الا اذا كان هو من اهل الخير.
بل هو موسم لربح السلعة المقدمة الى الله كما يدل على ذلك آيات واحاديث
كثيرة،فمن الآيات ان الله انزل بين ايات احكام الله فى الصوم قوله تعالى: ((واذا سألك عبادي عنى فانى قريب أجيب دعوة الداعى اذا دعانى فليستجيبوا لى وليومنوا بى لعلهم يرشدون)).
وهذه الاية كما هو معلوم تولى الله الاجابة فيها للعبد السائل عنه دون ان يأمر رسوله بتبيلغه الا بلفظ الآية كما انزلت واتبع هذه الخاصية للاية بقوله: ((اجيب دعوة الداعى اذا دعانى)) دون ذكر اى حرف عطف .
اما الاحاديث فمنها قوله صلى الله عليه
وسلم : (كل عمل بن ادم له الا الصوم فهو لى وانا اجزى به).
هذا الحديث عنده تفسيران .الاول ان اركان الاسلام الاخري تشاهدهم الناس مثل الصلاة والزكاة والحج وتكتب اجرها الملائكة، اما الصوم فلايري الالتزام به الا الله فيتولى هو الجزاء عليه، والثانى ان جزاء العبادات الاخري يقضي منها ما على صاحبها من ديون الناس ولكن اجر الصوم يجزي به صاحبه ولا يقضى به الدين.
وعلى كل حال فاحسن ما يقوم به المسلم فى رمضان هو الانفاق والانفراد بالله ولو دقيقة لمناجاته بالدعاء بعد كل عبادة كما يفعل الانبياء.
وكل عام وأنتم بخير وصوم مقبول وذنب مغفور.