وقد يقوم بالتجديد والإحياء جماعة أو مدرسة أو حركة: فكرية، أو تربوية، أو جهادية، يتواصى أهلها بالحق والصبر، ويتعاونون على البر والتقوى. وقد يقوم بمهمة التجديد أفراد أو مجموعات متناثرة، كل في موقعه، ومجال اهتمامه واختصاصه. هذا في مجال العلم والفكر، وذاك في مجال السلوك والتربية، وثالث في مجال خدمة المجتمع، ورابع في مجال الحكم والسياسة، وآخرون في مجال الجهاد والمقاومة، وكل على ثغرة من ثغر الإسلام، اتحدت أهدافهم، ومبادئهم، وإن اختلفت مواقعهم وطرائقهم.
اختلاْف مناهج العمل الإسلامي وتعدد الجماعات العاملة للتجديد:
وهنا أحبُّ أن أنبه على أمر ينبغي للعاملين للإسلام من الأفراد والجماعدات أن يعُوه، وهو: أن اختلاف مناهج العمل الإسلامي، وتعدُّد الجماعات العاملة لتجديده، ليس ظاهرة مرضية، ولا أمداًر مذموماً عند الله، ولا عند الذين آمنوا؛ بشرط أن يكون اختلاف تنوع وتخصُّص، لا اختلاف تضادّ وتناقض، بمعنى أن يكون هناك تكامل وتناسق وتعاون بين هذه الأنواع من العمل، بحيث يكمل بعضها بعضاً، ويشدُّ بعضها أزر بعض، وتجمعها القضايا الكبرى، والمواقف المصيرية، لتواجه العدو المشترك صفاً واحداً كالبنيان المرصوص.
أما أن يحاول كل منهم إثبات نفسه ونفي غيره، ويجعل أكبر همه بناء ذاته على أنقاض العاملين الآخرين، فإنه بذلك يؤدي إلى ضعف القدى الإسدلامية كلها، وتآكلها من داخلها. كما يفتح ثغرة للعدو المشترك، ليضرب الجميع، وهو آمن مستريح!