اشتراك الأمة كلها بالتجديد المنشود:
إننا بهذا الفهم نشرك الأمة كلها في التجديد المنشود، فهي التي تفرز المُجدّدين، وتصقلهم، وتحرّكهم، وتهيئ الظروف المناسبة لظهورهم وحركتهم، وهي التي تساعدهم على تحقيق آمالهم، وإزلة العقبات من طريقهم، وتمدهم بالزاد والوقود في رحلتهم الطويلة إلى ما ينشدون .. وهي التي تعطي كل فرد موقعه في قافلة التجديد، ليحرسه ويرعاه كما قيل: كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، الله الله لا يؤتى الإسلام من قبله1. وهنا يصبح سؤال كل مسلم: ماذا يكون دوري في حركة التجديد؟ وما واجبي نحوه؟ بدل أن يكون كل همه وسؤاله: متى يظهر المجددد، لأدعو له أو أسير من خلفه؟!
متى يقع التجديد؟
ولكن متى يقع التجديد؟ إن الحديث حدد للتجديد وقتدً هو (أرس كدل مائدة سنة). وأرس الشيء أعلاه، وأرس السنة أولها. وقد تساءل الشراح هنا عن بداية المائة، فقال المناوي: يحتمل من المولد النبوي، أو من البعثة، أو الهجرة، أو الوفاة ،ولو قيل: بأقربية الثاني (أي البعثة) لم يبعد، لكن صنيع السبكي وغيره مصرح بأن المراد الثالث2 (أي الهجرة).اه. وذلك أنهم في حديثهم عن المجددين اعتبروا التاريخ الهجري هو الأساس، وهو معقول؛ لأنه التاريخ الذي ألهم الله المسلمين منذ عهد عمر أن يؤرخوا به دون غيره، فلم يعتمدوا المولد ولا البعثة ولا الوفاة.