مرت لحد الآن ستون سنة منذ وضع الحجر الأساس لمسجد "مرصت لحموم" كانت مجموعة قليلة من "إجواج " التندغية قد استقرت في محيط ذلك السوق، وخلال قرون كانت تلك الأرض ضمن مضاربهم ومنتجعاتهم في رحلة تمتد مع طول الخط الشاطئي للبلاد.
أوقف أحمد حبد أحد أعيان المجموعة أرضا للمسجد، كانت أرضا كبيرة، بيع نصفها، وبني المسجد على جزء منها، وانطلق الأذان يشق ليل ونهار العاصمة الصغيرة.
كان لذلك المسجد مزية مهمة، حيث أحاط به سوق الحبوب الذي كان محل الميرة الأساسية للعاصمة نواكشوط، وزوارها من مدن الداخل.
وعندما استقر المسجد وانطلق حبل صلواته في العام 1963، اختار الوافق الشيخ الحسن بن السيد كأول إمام للمسجد، ثم من بعده الإمام محمد حامد بن حميدي أحد أبرز تلا ميذ الشيخ بداه ولد البوصير رحمه الله تعالى.
واستقرت في المسجد من يومها محظرة عامرة دارت حول الشيخ محمد حامد وخلفائه من بعده، فيما كان الشيخ محمدو الفايدة، رحمه الله تعالى صوت الأذان الصادح من المسجد إلى إرجاء المنطقة، طيلة عقود
ومع بداية الثمانينيات انتقل الشيخ محمد حامد إلى المسجد الجامع المشيد حديثا من طرف المملكة العربية السعودية، بصفته إماما لذلك الجامع نائبا عن الشيخ بداه بن البصيري، ليتولى الإمامة في المسجد والتدريس في المحظرة من بعده العالم الجليل سيد أحمد بن أحمد يحيى، حفيد العلامة محمد مولود ووارث علمه من بعده، و الذي ظل يؤدي دوره العلمي والدعوي حيث حل وارتحل، قبل أن يقيم في تندغيدسات المسجد وفي محظرته بحاضرة تندغيتسات إلى حين وفاته، ليخلف بعده ابنه العلامة الجليل أحمد فال ولد سيدي أحمد شيخ محظرة تندغيتسات وإمام جامعها الحالي.
ليتولى من بعده الإمامة الشيخ والقارئ عبد الله العتيق بن محمد الأمين بن النيه قبل أن يتوفاه الله يوم ال17 سبتمبر 2001,، ثم خلفه عليها الإمام لمرابط بن الفظيل قبل أن ينوفاه الله، لتؤول إلى إمامه الحالي أحمد باب ولد بين
وقد كان من بين الرعيل الأول من جماعة المسجد شخصيات علمية شهيرة من بينها الداعية والمنفق الشهير محمد عبد الله ولد الخرشي، والإمام القاضي عبد الله ولد الركاد، والشيخ محمد عالي ولد زين، ورجل الأعمال محمد ولد الحافظ، والشيخ عبد الرحمن بن داداه، إضافة إلى عدد كبير من قدماء التجار والباعة في سوق مريصت لحموم.
وقد تحول المسجد إلى جامع رسمي بقرار من الشؤون الإسلامية سنة 1976وشمل إلى جانبه مسجدي ابن عباس والشرفاء
ترميمات على وقع أحكام القضاء
وضعت لجنة المحاظر والمساجد المنبثقة في الأصل عن لجنة فرعية في وزارة الشؤون الإسلامية بنفس الاسم، يدها على المسجد وعلى الدكاكين الملحقة به التي كانت محلات لبيع الذهب والمجوهرات، من أمد بعيد فالواقف انتقل إلى الدار الآخرة والمسجد أصبح في عهدة لجنة المحاظر والمساجد، إلى أن قررت اللجنة بناء المسجد بحيث يصبح "الفوك مسجد والتحت آباتيك" وهو ما لم يرق لا بناء واقف المسجد، حيث رفعوا دعوى قضائية على اللجنة التي فقدت كثيرا من السند السياسي الذي كان يوفره لها رجال أعمال مقربون من نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
وقد حكم القضاء لصالح واقف المسجد بعد صراع مرير مع نافذين في لجنة المساجد والمحاظر، وكذا مع إدارة الأوقاف، ليبدأ الترميم الثاني بالشراكة بين الواقف و جمعية بسمة وأمل التي أنجزت المشروع، لتعود للمسجد المذكور نضارته وألقه بعد سنوات من العتاقة التي هددت بنايته الشاهدة على عقود وأجيال من المصلين والطلاب والدعوات والأذكار والمحاضرات.