حاجتنا إلى تربية إيمانية حقيقية:
ولهذا كنا في حاجة إلى تربية إيمانية حقة، تزرع في القلوب المعاني الربانية الأصيلة: الخشية من الله، والرجاء فيه، والأنس به، والحب له، والرضا عنه، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والطاعة لأمره، والتسليم لحكمه، وحكم رسوله، كما قال تعالى:
{فَلا وَرَبِكَ لا يؤُمِنوُنَ حَتىَّ يحَكِمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بيْنَهُمْ ثمَّ لا يَجِدوُا فِي أنْفسِهِمْ حَرَجا مِمَّا قَضَيْتَ وَيسَلِمُوا تسْلِيما} [الإسراء:65]، {إنِمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنيِنَ إِذاَ دعُووا إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بيْنَهُمْ أنْ يقَوُلوُا سَمِعْناَ وَأطَعْنَا وَأوُلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
[النور:51]. الإيمان بالله الذي ترجى رحمته، ويخشى عقابه {اعْلمُوا أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقاَبِ وَأنَّ اللَّهَ غَفوُرٌ رَحِيمٌ} [المائدة:98].
ومن عناصر هذه التربية: استحضار معاني الآخرة وما يتعلق بها: الموت وسكرته، القبر وضمّته، البعث ورهبته، الحشر وزحمته، الموقف وشدّته، الحساب وسرعته، الكتاب وقراءته، الميزان وعدالته، الصراط ودقّته، الجنة ونعيمها، الندار ولهيبها.
حاجتنا إلى الصوفية الربانية المعتدلة:
وبعبارة أخرى: نحن في حاجة إلى لون من الصوفية الربانية الإيجابية المعتدلة، التي عبر عنها بعضهم بأنها: الصدق مع الحق، والخُلق مع الخلق، وإليها
يشير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّه مَعَ الذِّينَ اتقَّوْا وَالذِّينَ هُمْ مُحْسِنوُنَ} [النحل:128]. وهذا هو روح الدين الحق: التقوى لله، والإحسان للناس؛ فالتصوف الحقيقي تقوى وأخلاق، قبل كل شيء.
وينقل ابن القيم في مدارج السالكين( عن بعض متق دّمي الصوفية في تعريف التصوُّف قوله: التصوُّف هو الخُلق، فمدن زاد عليك في الخُلق فقد زاد عليك في التصوف .ويعلق ابن القيم قائلا: بل الدين كُّله خلق، فمن زاد عليك في الخلق، زاد عليك في الدين، وكذلك التقوى.