وقد طلب مني أحد الإخوة من العلماء: أن يقوم بشرحها، فقلت له: أ ولى الناس بشرحها، هو صاحبها. فالمفروض أن أقوم بشرحها وتجليتها، وتأصيلها وتفصيلها. وهي في الحقيقة مشروحة في كثير من كتبي، ولكنها منثورة فيها، فلا بد من تجميعها، وترتيبها، والاسدتدلال عليها، وربط الفروع بأصولها، وردّ الجزئيات إلى الكُليات، حتى تستبين للقارئ الكريم، بلا لبس ولا غبش.
وقد نظرتُ في هذه المعالم العشرين – شأن كل مصنّف دائماً يسعى إلى تحسين ما كتبه، حتى يصل به إلى أكمل ما يكو ن – فكر ةً وعرضاً وأسلوباً، وأعدت صياغتها وترتيبها، وفصلتها بعض التفصيل، فبلغت الثلاثين معلماً، ثم اختصرتها، ليسهل حفظها لمن أراد.
وقد نشرها بصورتها الأولى مركز الوسطية بالكويت، ثم تراءى لي أن أعيد النظر فيها مرة أخر ى على مهل: إعادة قلبتها رأسا على عقب، ولاسيما بعد أن أضيف مفهوم (التجديد) إليها، فأصبح مركزنا يحمل اسم ( مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد). فأضفتُ وبينت، وغيرت وحسنت، ورتبت ،كما ذكرت في المقدمة. حتى غدت كتاباً جديداً على هذه الصورة بحمد لله. وقد أردت بهذا: أن يُعرف المنهج الوسطي التجديدي لطلابه ومريديه، وأن تتضح صورته وملامحه، وتتحد أركانه ومقوماته، وتتجلى خصائصه ومزاياه، في صورة (معالم) محددة، يرجع عند الخلاف لها، ويحتكم إليها.
وها هي معالم الوسطية المج دّدة، في صياغتها الأخيرة، وقد ألفت من جديد. آملاً بعد ذلك أن ييسّر الله لي شرحها على الوجه الذي أُ حب، وأدعو الله أن يو فّقني إليه. وها أنذا أسرد المعالم الثلاثين، مجرد عناوين، ثم أبدأ في بيانها واحدا واحدا. وبالله التوفيق