1- العلم الراسخ والفهم الشامل والمتوازن للإسلام:
الفهم الشمولي التكاملي المتوازن للإسلام، كما أنزله الله على رسوله، بحيث تتجلى فيه خصيصتان:
الأولى:ْالشمولْ والتكامل، بوصفه عقيدة وشريعة، علماً وعملاً ، عباد ةً ومعاملة، ثقافةً وأخلاقاً، حقاً وقوة، دعو ةً ودولة، ديناً ودنيا، حضارة وأمة.
ورفض كل تجزئة لأحكام الإسلام وتعاليمه، كدعوى الذين يريدونه: أخلاقاً بلا تعبُّد، أو تعبُّداً بلا أخلاق، أو عقيدة بلا شريعة، أو زواجاً بلا طلاق، أو سلاماً – أو استسلاما – بلا جهاد، أو حقاً بلا قوة، أو ديناً بلا دنيا، أو دعوة بلا دولة، وهو ما
يرفضه الإسلام نفسه الذي يقول كتابه: {وَأنِ احْكُم بيْنَهُم بمَآ أنَزَلَ ا للَّهُ وَلاَ تتَبعْ
أهْوَاءهُمْ وَاحْذرْهُمْ أنَ يفَتنِوُكَ عَن بَعْضِ مَا أنَزَلَ ا للَّهُ إلِيْكَ } [المائددة:49]. وبهذا يقدم الإسلام على أنه رسالة الإنسان كله، ورسالة الكون كله، ورسالة الزمن كله، ورسالة الحياة كلها.
والخصيصةْالثانية: هيْ المزجْ المتوازن بينْ المتقابلات، أو الثنائيات، التي
يتوهم الكثيرون أنها متضادات لا يمكن الجمع بين بعضها وبعض ،كالمزج بين الروحية والمادية، بين الربانية والإنسانية، بين الفكر والوجدان، بين المثالية والواقعية ، بين الفردية والجماعية، بين نور العقل ونور الوحي، بين الدنيا والآخرة، بين حقّ النفس وحقّ الرب، وحقوق الخلق، بين الإبداع المادي والاقتصادي والسمو الروحي والأخلاقي، بحيث يأخذ كل جانب منها حقه، بلا وكس ولا شطط ،دون طغيان على
الجانب الآخر، أو الجوانب الأخرى: {ألَاَّ تطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأقَيِمُوا الْوَزْنَ باِلْقِسْطِ وَلا تخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن:9،8]. ومن هنا تتكامل العناية بالعبادة ،والثقافة، والرياضة، والفنون، والعلوم. فالعبادة تُغدذّي الروح، والثقافة تُغذّي العقل ، والرياضة تُغذّي الجسم، والفنون تُغذّي الوجدان، والعلوم تُغذّي الحياة