موند آفريك: الحوار مع الجماعات المسلحة في الساحل..الخيار الأخير الذي يعارضه ماكرون بشدة،/ ترجمة موقع الفكر

منذ سنتين على الأقل تجري محاولات مستمرة من أجل الحوار مع الجماعات الجهادية، في مالي قبل أن تنتقل حمى هذا التوجه إلى النيجر وبوركينا فاسو، إنه خيار لطالما عارضته فرنسا، وهاهو يعزز خيبات أملها في المنطقة
 
وفي منطقة الساحل، يتوقع أن تكون فترة ولاية إيمانويل ماكرون الثانية التي تستمر خمس سنوات، والتي تبدأ رسميا بتنصيبه في 13 مايو 2022، مثل الولاية الأولى التي تتسم بانتكاسات دبلوماسية وعسكرية. ولم يتمكن ماكرون، الذي قال بحزم "نحن لا نتفاوض مع الإرهابيين، لكننا نحاربهم"، من إقناع حلفاء فرنسا في منطقة الساحل بعدم اتخاذ خطوة الحوار مع الجهاديين.
 
الانتقام المالي
لفترة طويلة اعتبرت فرنسا فكرة الحوار مع الجماعات الجهادية المالية خيارا هامشيا، رغم أن المطالبة به من القوى السياسية والأنظمة المالية المختلفة من إبراهيم بوبكر كيتا (IBK) إلى عاصمي غويتا، وسعى إليه أيضا كل من باه انضو ومختار وان،  قبل الإطاحة بهما قبل سنة ونيف
 
 وقد تم الشرعية على الحوار مرتين من قبل المجالس الوطنية المالية، لكن ذلك لم يشعر فرنسا بأن فكرة حلفائها في منطقة الساحل تستحق الاختبار أو أن لهم الحق في استكشاف طريق المفاوضات مع الجماعات المسلحة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قد اشتبك مع الماليين في أكتوبر 2020 في باماكو من خلال التأكيد علنا على معارضة فرنسا لخيار الحوار مع الجماعات الجهادية والذي كان قد حظي بإشادة المؤيدين في الجمعية الوطنية.
واضطر رئيس الوزراء الانتقالي يومها مختار وان، إلى الخروج عن قيود الدبلوماسية فأكد عزم مالي  فتح قنوات المفاوضات مع الجهاديين.
 
تقف فرنسا بقوة ضد الحوار مع الجماعات المسلحة، لأنها لا ترغب في إغضاب جيوشها، التي تعتبر الحوار اعترافا بفشل استراتيجيتها في منطقة الساحل، رغم أن . الحل العسكري أثبت في غضون ذلك أنه وصل إلى طريق مسدود وأقنع بلدانا أخرى في المنطقة باستكشاف خيار التفاوض.
انتكاسة لفرنسا
بعد ما يقرب من عام في السلطة، كشف رئيس النيجر الجديد محمد بازوم، خلال اجتماع مع كوادر حزبه  في مارس، أنه قرر الحوار مع بعض الجهاديين المحتجزين في السجون النيجرية. وقال الرئيس بازوم في هذه المناسبة إن الجهاديين أفرج عنهم من سجن "كوتوكالي" شديد الحراسة في شمال غرب النيجر قبل نقلهم إلى نيامي حيث استقبلهم، حتى إنه أضاف أن آباء بعض القادة الجهاديين قد أعربوا عن استعدادهم لإقناع بنيهم بنبذ الإرهاب.
 
إن اتخاذ النيجر، أقوى حليف لفرنسا في المنطقة، خطوة الحوار مع الجماعات الجهادية، يشكل انتكاسة كبيرة لاستراتيجية فرنسا لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. ومما لا شك فيه أنه يعكس فقدان نفوذ الدبلوماسية الفرنسية التي أصبحت كلمتها أقل إقناعا حتى بين أولئك الذين يعتبرون الأكثر إخلاصا لها في المنطقة، مثل النيجر.
بوركينا فاسو الحليف التقليدي لفرنسا لم تأت هذه المرة بالأخبار السارة  لفرنسا، فبعد أقل من ثلاثة أشهر من وصولها إلى السلطة في واغادوغو، أعلنت الحركة الوطنية للحماية والتجديد (MPSR) استعدادها للتعامل مع الجماعات الإرهابية. وذهب بول هنري داميبا، رئيس المجلس العسكري في بوركينا فاسو، إلى أبعد من سلفه روش مارك كريستيان كابوري، الذي انتقدته فرنسا بانتظام بفتور بسبب "إنكاره" الوضع الأمني في بلاده وانخفاض مستوى التعاون مع برخان. ويعكس تعيين وزير الدولة ييرو بولي، قائدا لمفاوضي الحكومة، إرادة السلطات العسكرية الانتقالية في بوركينا فاسو في التحرك بسرعة نحو الحوار مع الجهاديين.
 
سابقة موريتانية
قبل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لطالما فضلت موريتانيا الحوار مع الجهاديين، مع نتائج أكثر إقناعا في مكافحة الإرهاب مما كانت عليه في بلدان المنطقة حيث تعارض فرنسا خيار التفاوض. 
 
وتحت ضغط وجهات نظرهم الوطنية وخيبة أملهم من النتائج الضعيفة للاستراتيجية العسكرية المدعومة من باريس، انضمت بوركينا فاسو والنيجر أخيرا إلى موريتانيا ومالي لاستكشاف فكرة إجراء محادثات مباشرة مع الجماعات الجهادية، ويبقى الآن أن نرى ما إذا كان ماكرون والدبلوماسية، التي رفضت دائما هذا النهج خلال فترة الخمس سنوات الأولى، ستقرر قبوله مع الولاية الثانية.
 
ومن بين دول الساحل الخمس في مجموعة الخمس G5، لا تزال تشاد فقط، حليفة فرنسا المخلصة، في معارضة حازمة لأي حوار مع الجماعات المسلحة.