13 - تكوين المجتمع الصالح المتكافل:
كما أن الإسلام يسعى إلى تكوين الأسرة الصالحة، فهو يسعى كذلك إلى تكوين المجتمع الصالح، ذلك المجتمع الذي يقوم على الإخاء والتكافل والتراحم بين أبنائه، يحمل غنيُّه هم فقيره، ويأخذ قويُّه بيد ضعيفه، ويشدُّ بعضه أزر بعض، فهو في تقاربه كالأسرة الواحدة، وفي ترابطه كالجسد الواحد، وفي تعاونه كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً، يقوم على التكافل المعيشي، والتكافل الأدبي والعلمي والدفاعي،
مؤمنوه ومؤمناته، كما قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنوُنَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهمْ أوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يأَمُرُونَ باِلْمَعْرُو ِوَينَهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيقيمُوونَ الصَّلاةَ وَيؤُتوُونَ الزَّكَواةَ وَيطِيعوُونَ اللَّه وَرَسُولهَ أوُلئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّه إِنَّ اللَّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ]التوبة:71[.
مجتمع يُكرم فيه اليتامى، وتُرحم فيه الأرامل، ويُواسى فيده الفقراء، ويُحمدل فيه
الضعفاء، ويُتواصى فيه بالصبر والمرحمة، كما قال تعدالى: (فَلا اقْتحَمَ الْعَقبَةَ * وَمَا أدْرَيكَ مَا الْعقَبَةَ * فَكُّ رَقبَةٍ * أو إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغبَةٍ * يتَيِما ذاَ مَقْرَبَةٍ * أوْ مِسْكِينا ذاَ مَترَبةٍ * ثمَّ كَانَ مِنَ الذِينَ آمَنوُا وَتوَاصَوْا باِلصَّبْرِ وَتوَاصَووْا باِلْمَرْحَمَةِ )
]البلد:13– 17[.
وليس كالمجتمع الجاهلي الذي وصفه الله بقوله: }كَلاَّ بَلْ لا
تكْرِمُونَ الْيتِيمَ * وَلا تحَضُّوونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتوَأكُلوُنَ الترَاثَ أكْلا لمَا * وَتحِبوُّنَ الْمَالَ حُبا جَما { ]الفجر:18-20[.
بل هو كمجتمع المدينة الذي يتكون من المهاجرين والأنصار، والذي أثنى الله
عليهم بقوله تعالى: (لِلْفقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الذِّينَ أخْرِجُوا مِنْ دِياَرِهِمْ وَأمْوَالِهِمْ يبَتغَوُونَ فَضْلا مِنَ اللَّه وَرِضْوَانا وَينَصُرُونَ اللَّه وَرَسُولهَ أوُلئِكَ هُمُ الصَّادِقوُنَ * وَالذِينَ تبَوَّأوُا الداَّرَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يحِبوُّنَ مَنْ هَاجَرَ إلِيْهِمْ وَلا يَجِدوُنَ فِي صُدوُرِهِمْ حَاجَة مِمَّا أوُتوُا وَيؤُثِرُونَ عَلَى أنْفسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة وَمَنْ يوُقَ شُحَّ نفَسِهِ فأَوُلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ]الحشر:9،8[2.