سجلت عدة دول حول العالم، بينها بريطانيا وإسبانيا والبرتغال وكندا، إصابات بمرض جدري القرود الذي تشمل أعراضه طفحاً جلدياً وحُمّى وصداعاً وآلاماً في العضلات، بالإضافة إلى تضخُّم في الغدد الليمفاوية وقشعريرة وإرهاق.
على الرغم من أنه مرض أقلّ خطورة بين الأمراض التي تسببها عائلة الجدري، وضع جدري القرود علماء الفيروسات في حالة تأهب قصوى بعد تسجيل عدة دول حول العالم، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا والبرتغال وكندا وأستراليا، إصابات بالمرض الذي تتمثل أعراضه في الحمى وتضخُّم الغدد الليمفاوية وآلام العضلات وطفح جلدي على الأطراف والوجه.
فيما أثارت حالات تفشي مرض جدري القرود القلق لأن المرض الفيروسي، الذي ينتشر عن طريق الاتصال الوثيق واكتُشف لأول مرة في القرود، يحدث غالباً في غرب ووسط إفريقيا، ولا ينتشر إلا في بعض الأحيان في أماكن أخرى حول العالم.
وتجدر الإشارة إلى أنه قُضي على الجدري من خلال التطعيم الذي بدأ عام 1980، ومنذ ذلك الحين جرى التخلص التدريجي من الجدري إلى حد كبير وتوقيف اللقاحات. كما تحمي اللقاحات من الإصابة بجدري القرود، وبالتالي أدى إنهاء حملات التطعيم إلى قفزة في حالات الإصابة بجدري القرود في المناطق التي يتوطن فيها المرض، وفقاً لما ذكرته آن ريموين، أستاذة علم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس في كاليفورنيا.
ما مرض جدري القرود؟
يُعَدّ جدرى القرود من الأمراض النادرة التي تُلتقط عادةً من الحيوانات البرية المصابة في أجزاء من إفريقيا. اكتُشف لأول مرة في عام 1958 في القرود المخصصة لإجراء البحوث (ومن هنا أخذ اسمه الحالي)، مع تسجيل أول حالة بشرية عام 1970، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.
هذا المرض هو أحد أقارب الجدري، الأمر الذي يجعل أعراضه تماثل أعراض مرض الجدري الذي كان يصيب البشر في القرن الماضي، ولكن بشكل أقل حدة، إذ يتسبب في ظهور طفح جلدي غالباً ما يبدأ على الوجه.
ما طرق انتشار المرض؟
تتعلق أولى الحالات السبع التي سُجّلَت في المملكة المتحدة بشخص كان زار نيجيريا مؤخراً، إذ يُعتقد أنه أصيب بالعدوى هناك. ووفقاً لصحيفة "الغارديان" التي نقلت عن وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، فإن جميع الحالات الأربع الأخيرة هم من الرجال الذين يُعتبرون مثليين أو ثنائيِّي الجنس.
أما طرق انتشار الفيروس، فهو ينتشر من خلال الاتصال الوثيق مع الحيوانات أو بشكل أقلّ شيوعاً مع الأشخاص المصابين. يمكن لفيروس جدري القرود أن ينتقل من لدغة حيوان مصاب، أو عن طريق لمس دمه أو سوائل جسمه أو حتى فروه. كما يُعتقد أنه ينتشر عن طريق القوارض، مثل الجرذان والفئران والسناجب. ومن الممكن أيضاً الإصابة بالمرض عن طريق تناول لحم حيوان مصاب لم يُطهَ بشكل صحيح.
ومن غير المعتاد التقاط جدري القرود من الإنسان، لأنه لا ينتشر بسهولة بين الناس. ولكن من الممكن أن يلتقط الفيروس من خلال لمس ملابس أو فراش أو مناشف شخص مصاب بالطفح الجلدي. كما ينتقل المرض عن طريق لمس بثور أو قشور جلدية، أو التعرض للسوائل التي تخرج مع السعال والعطس لشخص مصاب بالمرض.
هل هو مرض قاتل؟
لجدري القرود سلالتان رئيسيتان: الأولى تُسمَّى سلالة الكونغو، وهي الأشدّ، إذ تصل نسبة وفياتها إلى 10% من الحالات. والثانية سلالة غرب إفريقيا التي أصيب بها الأشخاص بالمملكة المتحدة مؤخراً، وتبلغ نسبة وفياتها نحو 1% من الإصابات.
فيما تشير الدراسات التي أُجريَت في وسط إفريقيا، حيث لا يحصل الناس على رعاية صحية جيدة، إلى أن المرض يقتل ما يصل إلى واحد من كل 10 أشخاص مصابين، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. مع ذلك يتعافى معظم المرضى في غضون أسابيع قليلة.
هل الوضع خطير؟
حثّ جيمي ويتوورث، أستاذ الصحة العامة الدولية في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، الناس على عدم الذعر، قال: "لن يتسبب هذا في انتشار وباء على مستوى البلاد مثلما فعل كوفيد-19، لكنه تفشٍّ خطير لمرض خطير يجب أن نأخذه على محمل الجد".
فيما تتراوح الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة ومرحلة ظهور الأعراض بين 6 أيام و16 يوماً، لكنها في بعض الاحيان تطول إلى 21 يوماً.
أما العلاج فسيحتاج المرضى عادةً إلى البقاء بمستشفى متخصص حتى لا تنتشر العدوى، كما يمكن علاج الأعراض العامة، إذ يُباع عادةً لقاح واحد وعلاج واحد محدَّد تحت الاسم التجاري Tpoxx، لكنهما غير متاحين على نطاق واسع حتى الآن.
المصدر: تي آر تي عربي