خلال السنوات الأخيرة، أظهر العلماء أن القطط في الواقع ترتبط ارتباطا وثيقا بالبشر، ويمكن لهذه المخلوقات المعقدة أن تتواصل معنا، بل إنها تتعقب تحركاتنا عندما لا نكون في الجوار.
والأكثر إثارة للدهشة أن القطط يمكنها التعرف على أسمائها التي يناديها بها البشر، وهي الإمكانية التي تتميز بها الكلاب على الأغلب، ويظهر بحث جديد الآن أن هذا الأمر يمكن أن يتخطى ما كنا ندركه من قبل.
القطط تستمع إلينا خلسة
ففي دراسة جديدة نشرت في دورية "ساينتفك ريبورتس" (Scientific Reports)، اكتشف العلماء أنه بالإضافة إلى معرفة القطط أسمائها، يبدو أيضا أنها قد تتعرف كذلك على أسماء القطط الأخرى المألوفة بالنسبة لها. كما أنها قد تعرف أيضا أسماء الأشخاص الذين يعيشون معها في المنزل نفسه.
قد يبدو غريبا بعض الشيء أن تعتقد أن قطتك قد تعرف اسمك، ولكن لأنه يمكن تدريب الكلاب على تذكر أسماء مئات الأشياء المختلفة، ربما لا ينبغي أن يكون تذكر قطة ما لاسمك أمرا مفاجئا جدا.
الشيء الأكثر غرابة -الذي يشير إليه القائمون على الدراسة- هو أن تلك المخلوقات التي تبدو أنها تعيش بمعزل عن غيرها، كانت تستمع إلينا خلسة ونحن نتحدث طوال هذا الوقت.
يقول الباحث في علم الحيوان ساهو تاكاجي، الذي يعمل حاليا في "جامعة أزابو" (Azabu University) في اليابان، في تصريح لصحيفة "أساهي شيمبون" (The Asahi Shimbun) نشر 14 مايو/أيار الجاري "اكتشفنا أمرا مذهلا.. أريد أن يعرف الناس الحقيقة. قد لا يبدو أن القطط الماكرة تستمع إلى محادثات الناس، لكنها تفعل ذلك في الواقع".
يمكن للقطط التعرف على أسمائها التي يناديها بها البشر (الجزيرة)
كيف اكتشف العلماء الأمر؟
في التجارب، درس تاكاجي وزملاؤه الباحثين القطط التي تعيش في مساكن متعددة، سواء القطط المنزلية التي تعيش مع زملائها الآخرين في منزل متعدد القطط، أو القطط التي تعيش في "مقاهي القطط" في اليابان، حيث يمكن للزوار التفاعل مع القطط العديدة التي تعيش في المؤسسة.
في التجربة، قدم الباحثون إلى القط الذي يبحثونه، صورة قط آخر مألوف له سواء كان من المنزل نفسه أو المقهى (يسمى "القط النموذجي")، مع عرض صورة هذا القط على شاشة الكمبيوتر.
في أثناء عرض الصورة على شاشة الكمبيوتر سيظهر تسجيل لشخص يقول اسم القط النموذجي الحقيقي بصوت عال، يُطلق على ذلك "الحالة المتطابقة" فالقط واسمه متطابقان، أو أنه سينطق اسما مختلفا لا ينطبق على صورة هذا القط ويطلق على ذلك "الحالة غير المتطابقة".
ما وجده الفريق هو أن القطط من الأسر المنزلية قضت وقتا أطول في التحديق في شاشة الكمبيوتر في أثناء "الحالة غير المتطابقة"، ربما لأنها كانت متحيرة أو مفتونة بسبب عدم تطابق صورة القط النموذجي الذي تعرفه مع اسمه.
ومع ذلك، لم تظهر القطط من مقهى القطط التأخير نفسه على الكمبيوتر في أثناء التجربة، ربما لأنها كانت تعيش في مساكن مع العديد من القطط الأخرى وليس فقط القليل منها، وربما كانت أقل دراية أو معرفة بالقطط النموذجية المختارة واسمها كذلك.
وقد كتب الباحثون في ورقتهم البحثية أن القطط المنزلية فقط توقعت وجها محددا للقطط عند سماع اسم معين، مما يشير إلى أنها تُطابق اسم القط المحفز مع وجه محدد.
ويعتقد الفريق البحثي أن القطط ربما تتعلم هذه الأنواع من علاقات الاسم والوجه من خلال مراقبة تفاعلات الطرف الثالث البشري في المنزل، ومن المحتمل أن القطط التي تعيش في مقاهي القطط محاطة بالعشرات من القطط، ناهيك عن تدفق الغرباء من البشر الذين يدخلون المقهى، وبالتالي لا تكون لديها الفرصة نفسها لتعلم أسماء القطط الأخرى اجتماعيا.
كيف تتعرف القطط على أسماء الأشخاص؟
وفي تجربة أخرى، أجرى الباحثون اختبارا مشابها، لكنهم استخدموا البشر كمحفز بدلا من القط النموذجي. فعُرضت على القطط صورة لشخص عاشت معه، في منزل متعدد الأشخاص، وفي الوقت نفسه تم نطق اسم الشخص، أو قيل اسم آخر في حالة "غير متطابقة".
ومرة أخرى، أظهرت النتائج أن القطط تهتم بشاشة الكمبيوتر لفترة أطول قليلا عندما يكون هناك عدم تطابق بين الصورة والاسم، ولكن هذا التأثير يميل إلى أن يكون أكبر في الأسر التي يعيش فيها عدد أكبر من الأشخاص، وفي المنازل التي تعيش فيها القطة لفترة أطول مع العائلة.
ويفسر الباحثون ذلك بأن القطط التي تعيش مع عدد أكبر من الناس لديها فرص أكبر لسماع الأسماء المستخدمة أكثر من القطط التي تعيش مع عدد أقل من الناس، وأن العيش مع عائلة لفترة أطول يزيد من هذه التجربة. بعبارة أخرى، قد يؤدي تكرار وعدد مرات التعرض للمثيرات إلى زيادة احتمالية ارتباط الاسم بالوجه لدى القطط المنزلية.
تحديات دراسة القطط
ووفقا للتقرير المنشور على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فإنه بينما يدعي الباحثون أن دراستهم تقدم الدليل الأول على أن القطط المنزلية تربط بين الأقوال البشرية ومحيطها الاجتماعي إلا أن هذه الدراسة لا تزال صغيرة إلى حد ما، فقد شملت عشرات القطط فقط، لذا فإن النتائج تتطلب تكرارها في البحوث المستقبلية. ويقر الفريق كذلك بـ"أننا ما زلنا لا نعرف الكثير عن الآليات المحددة وراء التعلم الاجتماعي لدى القطط".
وفي حين يبدو أن الحيوانات في الدراسة تربط الأسماء والوجوه سواء للأشخاص المألوفين أو القطط الأخرى، ما زلنا لا نفهم كيف تطور القطط هذا الارتباط داخل بيئاتها المعيشية. وربما يعود جزء من ذلك ببساطة إلى صعوبات دراسة القطط، وهو ما لاحظه مؤلفو الدراسة، فقد كتبوا "أكملت قطة التجربة الأولى فقط قبل الهروب من الغرفة والتسلق بعيدا عن متناول اليد".
المصدر: ساينس ألرت+ الجزيرة نت