أدى خطأ لشاحنة تجميع النفايات قبل شهرين إلى إلحاق أضرار بالأسلاك الخاصة بشحن الحافلات الكهربائية بمراكش، وهو وما أسفر عن انقطاع خدمة هذه الحافلات منذ ذلك الحين إلى غاية اليوم، وكان سببا لتوقيف الخدمات بحجة وجود مشاكل تقنية بعيدا عن فضيحة الإفلاس التي كانت تلاحق التجربة التي وصفت بأنها الأولى من نوعها بالمغرب.
الشاحنة الرافعة التي تملكها إحدى الشركات المفوض لها تدبير قطاع النظافة بمراكش، تسببت في بتر أحد الأسلاك الكهربائية المارة من وسط طريق الصويرة بمدينة مراكش، على مستوى حي أبواب مراكش، وذلك يوم 22 مارس الماضي.
وأعلنت شركة التنمية المحلية “سيتي باص” حينها أن عمل الحافلات الكهربائية سيتوقف إلى حين إصلاح الخط الكهربائي، وقدمت وعدا لساكنة مراكش بأن ذلك سيتم “في وقت قريب”.
وبعد مرور شهرين مازلت الشركة لم تستأنف بعد عملها.
وقد علمت جريدة “العمق” أن شركة “ألزا” الإسبانية التي أسندت لها شركة التنمية المحلية مسؤولية تسيير عمل الحافلات الكهربائية، سحبت جميع السائقين والمراقبين الذين شغلتهم لفائدة شركة التنمية المحلية، كما تحدث مصدر من داخل الشركة الإسبانية عن عدم رغبتها في العودة لتدبير الحافلات الكهربائية في الوقت الحالي، وأنها تركز الآن على طلبات العروض الخاصة بالتدبير المفوض للنقل الحضري، حيث تراهن على الفوز بالصفقة مرة أخرى والاستمرار في تدبير المرفق الذي أسند لها منذ ما يزيد عن 22 سنة.
شبح الإفلاس
الحادث الذي تسببت به شركة النظافة والذي سيحملها نفقات مرتفعة جدا، حسب مصدر موثوق، كان بمثابة المخرج المريح لشركة التنمية المحلية التي باتت مهددة بالإفلاس وإعلان فشل تجربة الحافلات الكهربائية التي سوق بها المغرب نفسه في الحفاظ على البيئة خلال فعاليات مؤتمر المناخ “كوب 22” الذي احتضنته مراكش سنة 2016، والذي تزامن مع إدخال هذا النوع من الحافلات للمغرب.
وحسب معلومات موثوقة، فإنه ومن بين 10 حافلات التي توصلت بها مدينة مراكش، لم يبق مشتغلا منها قبل حادث شاحنة النظافة سوى حافلة واحدة، وذلك بسبب عطب في بطاريات الشاحنات الأخرى، فيما لم تتوصل الشركة بعد بالدفعة الثانية من الصين لإكمال العدد 30 الذي أعلن عنه المجلس الجماعي قبل سنوات.
وأكد المصدر ذاته، أن معظم البطاريات التي تم تزويد الشاحنات الصينية بها أثبتت عدم قدرتها على إكمال مدة العمل التي تم الاتفاق عليها قبل الاقتناء، وهو ما أجبر المجلس الجماعي لمدينة مراكش لإعادة إطلاق صفقة جديدة من أجل تركيب أسلاك كهربائية على طول ثلث الخط الوحيد الذي تسير فيه هذه الحافلات، مما كلف ميزانية المدينة الحمراء قرابة 4 ملايير سنتيم.
ويذكر أن النائب الأول للعمدة السابق ورئيس المجلس الإداري لشركة التنمية المحلية آنذاك، يونس بنسليمان، أعطى وعودا في أكثر من مرة باقتراب اشتغال الخط الثاني للحافلات الكهربائية على مستوى حي المحاميد، وهو الأمر الذي لم يتم، كما لم يتم إنجاز الخطين الآخرين لإكمال الخطوط الأربعة التي وعد بها المجلس السابق.
أكثر من ذلك، فقد أكدت مصادر متطابقة أن المشروع الذي تم تقديمه على أساس أنه فكرة رائدة في الحفاظ على البيئة واستخدام الطاقات المتجددة في المرفق العام، بقي إلى حين توقفه مشتغلا بالطاقة الكهربائية الخاصة بالإنارة العمومية، ولم يتمكن القائمون عليه من تزويده بالطاقة المولدة في المحطة الشمسية التي كلف إنجازها غلافا ماليا معتبرا.
سخرية سابقة
وسبق للحافلات المذكورة أن أثارت سخرية واسعة لساكنة مراكش، بعد انتشار صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة من الشباب تطوعوا لدفع حافلة أدى عطب أصابها إلى بقائها متوقفة في تقاطع الطرق على مستوى حي عين مزوار. وذهب بعض المعلقين على الصورة إلى اعتبارها “دليلا على الفرق الشاسع بين الواقع والشعارات”، فيما علق آخرون “الحافلات الكهربائية تصل مرحلة شي دفيعة عفاك”.
وطالب معقلون آخرون بفتح تحقيق في جودة الحافلات التي تم اقتناؤها من طرف المجلس الجماعي لمدينة مراكش من شركة صينية، خصوصا وأن الحافلات تعرف أعطابا متكررة رغم أنها لم تكمل بعد سنتها الرابعة من الاشتغال. حافلات صينية ويذكر أن مشروع الحافلات الكهربائية تشرف عليه شركة تنمية محلية يملك المجلس الجماعي لمدينة مراكش غالبية أسهمها، ويطلق عليها اسم “شركة التنمية المحلية بيس سيتي متجددة”، فيما تم تفويض تدبيرها اليومي لشركة “ألزا” الإسبانية المفوض لها قطاع النقل الحضري بمدينة مراكش منذ ما يزيد عن 20 سنة. الحافلات التي تم اقتناها المجلس الجماعي لمدينة مراكش قبيل احتضان المدينة الحمراء لفاعلات مؤتمر الأطراف للمناخ “كوب22” سنة 2016، تم تصنيعها من طرف شركة Dongfeng Motor Corporation الصينية، وقيل أنه سيتم تشغيلها بواسطة محطة للطاقة الشمسية. وأعطيت الانطلاقة الرسمية لعمل الحافلات الكهربائية يوم 28 شتنبر 2017، حيث بدأ فعليا في نقل الركاب على طول خط واحد يربط بين مدخل مدينة مراكش من جهة أكادير إلى باب دكالة وسط المدينة، فيما بقي الخط الثاني المار على طول حي المحاميد غير مشغل إلى حدود اليوم رغم أن تعبيده تم الانتهاء منه قبل وصول الحافلات إلى المغرب، فيما مازالت وعود المجلس الجماعي بإطلاق خطين آخرين مجرد حبر على ورق لم تعرف طريقها إلى التنفيذ.
المصدر: العمق المغربي