ومن المهم هنا: الإشادة بما قدمته أمتنا من منجزات حضارية تاريخية بهرت العالم، ومن فتوحات في زمن قياسي، كانت تحريراً للشعوب من مستعبديها، ولم تكن يوماً لإذلالها أو استغلالها.
والتنويه بما أ سدته أمتنا من حضارة شامخة تميزت عن الحضارت السابقة واللاحقة، بتكاملها وتوازنها ووسطيتها.
جمعت بين الواقعية والمثالية، بين الرقي الماديّ والسموّ الأخلاقي، بين الاستمداد من نور الوحي، ونور العقل..
وقد شارك في صنع هذه الحضارة أناس من أديان وأعراق وأوطان مختلفة، لم تضق الحضارة الإسلامية بهم ذرعاً، وظلت هذه الحضارة أكثر من ثمانية قدرون تعلم العالم، وتنشر النور، ومنها اقتبست أو ربا المنهج التجريبي الاستقرائي، وتعلمت من
ابن سينا والغزالي وابن رشد وغيرهم في الشرق وفي الأندلس، كما تأثرت بالمسلمين حين اصطدمت بهم وتعاملت معهم في الحروب الصليبية .
ولا ندعي أن تاريخ أمتنا وحضارتها معصومٌ من الأخطاء، ولكنه أقل تواريخ الأمم مثالب، كما لا نقبل أن يشوه تاريخنا، وخصوصاً القرون الثلاثة الأولى، وهي خير القرون فيه، التي أثنى عليها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم . وواجب الأمة أن تصل هذا الماضي المجيد بحاضر يكافئه، إن لم يزد عليه، ولا تكتفي بالتغنّي بأمجاده، والبكاء على ممسيه؛ بل واجبنا هو استلهام الماضي، والارتقاء بالحاضر، واستشراف المستقبل.