- عمارة الأرض وتحقيق التنمية ورعاية البيئة:
ومن المعالم الأساسية لمنهج الوسطية المجدّد: العناية بعمارة الأرض، فهي من المقاصد التي خلق الله من أجلها الإنسان، مثل عبادة الله، وخلافته في أرضه،
قال تعالى: )هُوَ أنْشَأكُمْ مِنَ الْأرْضِ وَاسْتعْمَرَكُمْ فيِها( ]هود:61[، ومعنى )استعمركم( أي: طلب منكم عمارتها واصلاحها. وتحقيق التنمية المتكاملة، والدائمة، مادية وبشرية، ورعاية البيئة بكل مكوّناتها، من إنسان وحيوان ونبات وجماد، وحمايتها من التلوث والفساد ،الناشئ من تجاوز الإنسان في استخدام نعم الله ظلماً وكفارناً ، والحفاظ على التوازن البيئي والتوازن الكوني، الذي أقام الله عليه خلقه ، وأجرى به سننه، والتعاون على كل ما يُيسر المعيشة للناس، وكل ما يشيع الجمال في الحياة، واعتبار ذلك عباد ةً وجهاد اً في سبيل الله .
وعلى سكان الأرض: أن يتحدوا فيما بينهم ليحافظوا على أرضهم، ويواجهوا الأخطار المهدّ دة لهم، من الذين يفسدون في الأرض بعد إصلاحها، كما حذ ر نبي
الله صالح قومه قائلاً : )وَلا تطِيعوُا أمْرَ الْمُسْرِفيِنَ * الذِينَ يفُسِد وُنَ فِي الْأرْضِ وَلا يصُلِحُونَ( ]الشعراء:152،151[، وعلى أهل الأرض جميعا أن يحافظوا على الميزان الكوني،(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * ألَاَّ تطَغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأقَيِمُوا الْوَزْنَ باِلْقِسْطِ وَلا تخُسِرُوا الْمِيزَانَ) ]الرحمن:8، 9[. بل أن يحارب بعضهم بعضا.
لقد خلق الله هذه الأرض منذ خلقها (وَبَارَكَ فيِهَا وَقَدرَّ فيِهَا أقَوَاتهَا)
]فصلت:10[، وضمن فيها الرزق لكل خلقه: (وَمَا مِنْ داَبةٍ فِي الْأرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّه
رِزْقهَا) ]هود:6[، (وَلقَدْ مَكَّناكُمْ فِي الْأرْضِ وَجَعلَنَا لَكُمْ فيِهَا مَعَايِشَ قلِيلا مَا
تشَكُرُو نَ) ]الأعراف:10[، وبذلك تقوم حضارة متوازنة، تكرم الإنسان، وتعتبره خليفة الله في الأرض، لا مجرد حيوان متطوّر، وتساعده على أن يستمتع بطيبات ما خلق الله وما سخر له في الكون، وما ينزل من بركات السماء والأرض، التي يحرمها الإنسان بفجوره وعدوانه، و بُعده عن تقوى الله.