- السلام مع المسالمين والجهاد مع المعتدين:
ومن معالم هذا التيار الوسطي التجديدي في فهم رسالة الإسلام: الدعوة إلى
السلام مع كلّ من بسط يده للسلام: (يَا أيَهَّا الذِينَ آمَنوُوا ادْخُلوُوا فِي السِلْمِ كَافة ]البقرة:208[، وتجنيب البشرية الحروب المد مّرة بغير ضرورة ،وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية"، والسعي إلى الصلح والمعاهدات بين الدول، ولهذا كان أول ما فعله النبي الكريم بعد الهجرة عقد معاهدة تكافل وتعاون ودفاع مشترك مع يهود المدينة، كما رحّب الرسول بصلح الحديبية مع محاربيه من قريش، وسماه القرآن فتحاً مبيناً.
ولهذا لا يدخل المسلمون الحرب إلا مكرهين، كما قال تعالى: (كُتِبَ عَليْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْه لَكُمْ ) ]البقرة:216[، فإذا تلاقى المسلمون وأعدا ؤهم ولم يقدر بينهم قتال، عقب القرآن على ذلك بما عقب به بعد غزوة الأحزاب: (وَرَد اللّه الذِينَ كَفرُوا
بِغَيْاظهِمْ لَمْ ينَالوُا خَيْرا وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنيِنَ الْقِتالَ) ]الأحزاب:25[، فما أروعه من تعقيب! وقال تعالى عن المشركين: (فَإِنِ اعْتزَلوُوكُمْ فلَمْ يقُاتلِوُكُمْ وَألَقَوْا إلِيْكُمُ السَّلَمَ فمَا جَعَلَ اللَّه لَكُوم عَلَيْهِمْ سَبيِلا) ]النساء:90[ واذا وقع القتال، فإن الإسلام يُر حّب بالجنوح إلى السلم كلما تيسرت سبله: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنحْ لَه وَتوَكَّلْ عَلَى اللَّه) ]لأنفال:61[.
هذا مع التمسك بفرضية الجهاد في سبيل الله للدفاع عن حرمة الدين والمقدسات، وعن أرض الإسلام، وأمة الإسلام، والمستضعفين في الأرض، والوقوف في وجه الفراعنة والمستكبرين في الأ رض. واعداد أقوى ما يستطاع من القوة العسكرية المادية والبشرية، لإرهاب الأعداء، وبيان أنواع الجهاد ومجالاته: م ن الجهداد النفسيّ ، والجهاد الدعو يّ، والجهاد المدنيّ، والجهاد ضد الظلم والفساد في الداخل، إلى جانب الجهاد العسكري. ومن الجهداد الواجب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتغيير المنكر باليد، أو باللسان، أو القلب حسب الاستطاعة.