الوزير الحقيقي للصيد والاقتصاد البحري / سيدي محمد ولد محمد الشيخ

يبدو أن صاحب الاستراتيجيات التي أدت الي الاستنزاف الشرس للثروة السمكية والمعروفة باستراتيجية او مغالطات الحصص 2020/2024 و2015/2019 قد عاد بقوة في مركز صنع القرار. لهذا بادر الوزير الثالث الي الإعلان سريعاً وعبر التلفزيون الرسمي، عن اعتماده المحاور الأربعة الشهيرة لاستراتيجية الحصص 2015/2019 كسياسة جديدة للقطاع! ربما لتفادي مصير سلفه.
علماً أن البيانين المتتاليين اللذين تم تمررهما في مجلس الوزراء صادقا على التغيير الفوري لهذه الاستراتيجية وتصحيح المغالطات التي أغرقت القطاع في الاستغلال المفرط للثروة السمكية والتي أرست دعائم الفساد وسوء التسيير والرشوة والفوضى المزمنة ضد تطبيق القوانين البحرية الوطنية والدولية. 

تم تمرير البيان الأول في مجلس الوزراء والمصادقة عليه يوم 17 مارس 2021 بعد الإنذار الذي أطلقه السيد والي نواذيبو بشأن ندرة الثروة السمكية في 18 يناير 2021 حيث اظهر هذا البيان الخطوط الرئيسية لأوجه القصور في هذه الاستراتيجية ووضع خطة عمل تتكون من 57 توصية موزعة على المدى القصير والمتوسط والطويل بعد هذا البيان تمت تنحية الوزير للأسف رغم صداقته القديمة بالوزير الحقيقي والذي اشاع انه هو من اتي به ليحل محله.
لم يمر وقت طويل حتى جاء البيان الثاني، بعد 4 أيام من المشاورات الموسعة، تم تمريره أيضا والمصادقة عليه في مجلس الوزراء يوم 8 يوليو 2021، حيث يشير بوضوح إلى أنه بالإضافة إلى نطاق عمل هذه الاستراتيجية المحدود وأوجه القصور في مراعاة جميع مكونات القطاع، يتسم نطاقها الاستراتيجي أيضًا بغياب رؤية لتطوير الجوانب المهمة، المرتبطة بشكل خاص بالأنشطة الأخرى للاقتصاد البحري مثل النقل البحري والخدمات البحرية والصيد القاري. قبل إعداد الشروط المرجعية لاستراتيجية إصلاحية، غادر الوزير الثاني أيضا. 

لماذا هذا الإصرار على استراتيجية ليست فقط جزئيًة بقدر ما كانت نتائجها استنزافية وكارثية على جميع المستويات، فهل لصالح قلة من الأفراد ترفضون التغيير من اجل المصلحة العامة للبلد؟ إذا كان هذا هو السبب من فضلكم توقفوا عن مغالطاتكم على الفور، فالشعب الموريتاني بحاجة ماسة إلى ثرواته. 
الإصرار على استراتيجية فاشلة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وتنطوي على قدر كبير من المغالطات والتناقض بين الأهداف الاستراتيجية الوطنية لتطوير القطاع وأطرها المرجعية التنفيذية. يثير حتما تحديد المسؤوليات. 
ويعتبر رفض تغيير الاستراتيجية المذكورة حتى لا يتم تصحيح الأخطاء القانونية في مدونات البحرية التجارية والصيد، ولا سيما تلك التي تحكم طريقة تأجير السفن على شكل هيكل مجرد او عاري، وشروط الولوج إلى النظام الوطني وشروط اقتناء دولة العلم الوطنية، وما إلى ذلك حيث يشكل نقطة الانسداد التي لا تزال تعيق تحقيق الأهداف الاستراتيجية لتنمية القطاع مثل تشكيل أسطول وطني موريتاني بنسبة 100٪ (رأس مال، تجهيز وطاقم وطني)، يد عاملة وطنية مؤهلة، إضافة إلى تصنيع منتجات مصايد الأسماك، وبنية تحتية قوية للاستقبال والتفريغ،
غير ان صلاحية استراتيجية 2020/2024 التي كانت سارية قبل البيانين اللذين اعتمدهما مجلس الوزراء قد تصبح لاغية؟ أثناء انتظار الإجابات الصحيحة، ألفت انتباه الوزيرين، الواقعي والواجهة، إلى الحاجة المستعجلة للقطاع إلى رسم رؤية إصلاحية جديدة بالتشاور الموسع ومتماسكة قادرة على رفع مستواه التشغيلي. 
لقد زرعت هذه التداخلات المزيد من الشكوك لدي المواطنين بشأن صدق الإرادة التي عبر عنها في عدة مناسبات فخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية، الهادفة إلى الإصلاح الهيكلي لجميع القطاعات الاقتصادية، ولا سيما قطاع الصيد البحري، الذي لم يستطيع الوصول او حتى مقاربة الريع الاقتصادي والاجتماعي والمالي الذي يستفيد منه جيراننا في الشمال والجنوب رغم كبر واهمية مخزوننا السمكي في منطقة شمال وغرب افريقيا كلها. 
المهندس والخبير في الشؤون البحرية