رويترز: حماس تتوعد مسيرة الأعلام "الصهيونية"

صهاينة يرفعون أعلام الكيان في القدس الشريف (صورة أرشفية-رويترز)

 تمثل مسيرة "أعلام" سنوية ينظمها القوميون الإسرائيليون عبر البلدة القديمة في القدس اختبارا ينطوي على مخاطر بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية حماس وعزمها على معارضة الأفعال الإسرائيلية في المدينة محل النزاع مع الفلسطينيين.

والمسيرة احتفاء باستيلاء إسرائيل على البلدة القديمة في حرب عام 1967 وتمر في شوارع وأزقة الحي الإسلامي.

وقد باءت الجهود القانونية لحظر المسيرة بالفشل، إذ يقول المؤيدون بأنه احتفال قانوني بلحظة استثنائية في التاريخ اليهودي.

لكنها بالنسبة لكثير من الفلسطينيين استفزاز صارخ وانتهاك واضح لواحد من الأماكن القليلة في المدينة التي لا تزال تحتفظ بصبغة عربية واضحة. وتطوق أنشطة الاستيطان اليهودي المتزايدة المدينة.

ومع اقتراب موعد المسيرة، أعرب قادة حماس، التي تسعى لفرض "قواعد" جديدة بشأن القدس، عن استعدادهم للتصعيد يوم الأحد إذا لم تبق الحكومة الإسرائيلية المسيرة بعيدا عن أحياء المسلمين.

وقال باسم نعيم رئيس دائرة السياسة والعلاقات الخارجية في حركة حماس في قطاع غزة لرويترز هذا الأسبوع "يمكنهم تجنب الحرب والتصعيد إذا أوقفوا هذه (المسيرة) المجنونة".

وبالنسبة لحماس، يعتبر هذا أيضا إهانة دينية، نظرا لأن البلدة القديمة هي موطن المسجد الأقصى، ثالث أقدس موقع في الإسلام، وهو موقع يقدسه اليهود أيضا باعتباره يضم جبل الهيكل الذي يقولون إنه من بقايا معبدين قديمين لدينهم.

وتصور حماس نفسها في السنوات الأخيرة مدافعا عن المسجد الأقصى. وأطلقت العام الماضي صواريخ على إسرائيل بعد دقائق من انطلاق المسيرة، مما أشعل شرارة حرب دامت 11 يوما، قُتل فيها 250 فلسطينيا و11 في إسرائيل.

ودافع رئيس الوزراء نفتالي بينيت عن قرار مسؤولي الأمن بالسماح لمسيرة الأحد بدخول باب العامود والمرور بالحي الإسلامي، متجاهلا دعوات من بعض أعضاء ائتلافه الحاكم لتجنب الأماكن الحساسة.

وقال مكتبه إن المسيرة، كالعادة، لن تذهب إلى جبل الهيكل. وأضاف أن الوضع سيخضع للمراجعة خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة.

جنازات وأعمال شغب

والقدس لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. فإسرائيل تعتبر القدس بأكملها عاصمتها الأبدية غير القابلة للتقسيم، بينما يريد الفلسطينيون الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم المستقبلية.

 

أما حماس، التي يصنفها العديد من الحكومات الغربية منظمة إرهابية، فتعتبر أن إسرائيل كلها أرض محتلة.

وقال دانيال سيدمان، المحامي الإسرائيلي والناشط المدافع عن حقوق الفلسطينيين في القدس الشرقية "القدس غير مطروحة على الطاولة بالنسبة لإسرائيل، بالنسبة للفلسطينيين فإن القدس هي الطاولة وما عليها".

والتوتر متصاعد في المدينة منذ أسابيع.

واندلعت اشتباكات متكررة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى في أبريل نيسان، خلال شهر رمضان، مع غضب المسلمين من زيادة أعداد الزوار اليهود للمسجد.

وفي إحدى ليالي شهر رمضان، تمكن شبان من تهريب لافتة ضخمة عليها صورة لمقاتل من حركة حماس إلى المكان، وعلقوها أمام قبة الصخرة المطلية بالذهب والتي تعود للقرن السابع.

وقال الدبلوماسي الغربي "لم يكن هذا واردا قبل سنوات قلائل. إنه يظهر أن دفاع حماس عن القدس أصبحت له أصداء وأن الدعم لها يتزايد".

وقبل أسبوعين، اندلعت حالة من الفوضى عندما هاجمت الشرطة المشيعين في جنازة صحفية شبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، التي قتلت خلال مداهمة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. وبعد يومين، حدثت مواجهات شاملة في القدس الشرقية خلال تشييع جنازة شاب أصيب بجروح أودت بحياته في اشتباكات الأقصى.

وقال عضو بارز في الكنيست الإسرائيلي من الائتلاف الحاكم هذا الأسبوع إن ترك مسيرة الأحد تستمر بصورتها الحالية أمر محفوف بالمخاطر في ظل هذا التوتر.

وقال رام بن باراك لراديو كان "يجب ألا نشعل بأيدينا حربا دينية هنا أو (نثير) كل الاستفزازات التي من شأنها إشعال الشرق الأوسط".

وفيما يبرز هذه المخاوف، منعت السفارة الأمريكية في القدس موظفي الحكومة وعائلاتهم من دخول البلدة القديمة يوم الأحد وقالت إن منطقة باب العامود محظورة عليهم حتى إشعار آخر.

رغم ذلك، قوبلت دعوات إعادة النظر في الطريق الذي تسلكه المسيرة بالازدراء والتجاهل من جانب المنظمين، الذين نفوا أن تكون مسيرتهم، التي تتردد فيها في الغالب هتافات معادية للعرب، استفزازا.

وقال نائب رئيس بلدية القدس، آرييه كينج، "الأمر كله يتعلق بالاحتفال بتحرير القدس وعودة الشعب اليهودي إلى المدينة اليهودية، القدس".

لكن هذه الرؤية تتعارض تماما مع حماس، فيما يسلط الضوء على استحالة التوفيق بين رؤيتين متعارضتين تماما للتاريخ.

وقال نعيم "أي محاولة لمواصلة تهويد القدس هي مساس بوتر حساس للغاية".