بالعودة لموضوع الاقالة من عضوية الحزب السياسي، بالنسبة للنواب فى الجمعية الوطنية، يلزم التوقف عند النقاط التالية:
١- القول ببقاء المنصب للنائب المقال، لا يستقيم مع منطق المشرع فى ربط المنصب بالحزب السياسي، وعدم إتاحة المجال للترحال السياسي؛ و مابني عليه ذاك المنطق من أعمال تحضيرية متمثلة فى الحوار السياسي 2011 فضلا عن التاريخ السياسي للظاهرة الحزبية، الذي فرض على نخب الأحزاب السياسية المطالبة بسد ثغرة الترحال أمام النواب.
٢- افتراض بقاء المنصب للنائب المقال، لا يتسق مع فكرة اشتراط فقد المنصب بالاسقالة الطوعية، حيث أن ما يترتب على الاستقالة، هو ذاته مايترتب على التسبب فى الاقالة (التسبب فى الطرد)؛ ففى كلتا الحالتين يكون النائب خارج حزبه باراداته.
٣- لا يمكن الترشح لعضوية البرلمانية خارج اطار الحزب السياسي -كوسيلة من وسائل التعبير عن الارادة العامة- وهو مايعني أن فكرة وجود نائب لا ينتمى لحزب معين، داخل البرلمان، مستبعدة بالمنطق القانوني الذي -بمفهوم الموافقة- منع الترشيحات المستقلة.
٤- عندما يقال نائب من حزب سياسي معين، و يبقى فى الجمعية الوطنية، فإن فكرة منع الترحال السياسي، و كذلك منطق منع الترشيحات المستقلة تكون عبثية حيث أن المشرع "أغلق أمامها النافذة وفتح لها الباب"؛ أي أن كل نائب يرغب فى ترك حزبه مع الاحتفاظ بمنصبه، سيرغم حزبه على طرده من خلال مختلف الوسائل، و بالتالي يصبح "نائبا بلا حزب"، بعبارة أخرى "نائبا مستقلا"؛ وهو توجه لا يخلو من عبثية فى فهم و تأويل النص القانوني، و شرحه بعيدا عن الواقع الذي حرر فيه...
٤- البحث فى إجراء الاقالة عن إمكانية لبقاء النائب فى البرلمان- مع كثرة القائلين به من غير المختصين، وغرابة هذا القول- من خلال ربط الموضوع بما يترتب على عمل سلطة التأديب، يفتقر للتأسيس على ماتقوم عليه سلطة التأديب من نظريات، و فرضيات لا يتسع المقام لنشرها، كما أنه مذهب يكشف عدم فهم سلطة التأديب أو على الأقل الخلط بين مفاهيم لا تمت لبعضها بصلة...