تعد الحشرات من الآفات الرئيسية للمحاصيل، وتتسبب في حدوث خسائر هائلة في الزراعة والغذاء، وإضافة لتلك الخسائر، البعض منها أيضا يعمل كناقلات لبعض أمراض الإنسان والحيوان.
كانت تتم مكافحة الحشرات بشكل رئيسي من خلال استخدام المبيدات الحشرية الكيميائية، ولكن نظراً لافتقارها للتخصصية، ومقاومة الحشرات لها، وتأثيرها السلبي على البيئة وعلى صحة الإنسان، اضافة إلى كون بعض أنواعها ساماً أو مسرطناً، وكذلك ارتفاع تكلفة إنتاجها، كان لابد أن تتجه الأنظار للبحث عن بدائل، مثل المكافحة الحيوية (Biological control)؛ وهي استراتيجية متكاملة تستخدم لمكافحة الآفات وتخفيض تعداداتها باستخدام الأعداء الطبيعيين. من الخصائص المرغوبة في الكائنات الحية المستخدمة في المكافحة الحيوية أن تكون متخصصة وآمنة للاستخدام بحيث لا تضر البشر أو الحيوانات او المحاصيل، أن تقوم بالمكافحة بصورة سريعة لتفادي تفشي الضرر على نطاق واسع، أن تكون عملية الانتاج غير مكلفة، أن يبقى المنتج ثابتاً في ظل ظروف الاستخدام وكذلك أن يبقى ثابتا ومستقراً لفترات طويلة بعد الانتاج ليتسنى تخزينه.
بكتيريا Bacillus thuringiensis
تعد بكتيريا Bacillus thuringiensis من أفضل أصدقاء البيئة المرشحين لمثل هذا النوع من المهام؛ وهي بكتيريا مكونة للأبواغ، وتقوم بإنتاج بروتينات بلورية (Crystals proteins) تكون سامة لكثير من أنواع الحشرات. يمكن العثور على بكتيريا Bt تقريباً في كل مكان في العالم. حيث أشارت الدراسات الاستقصائية إلى وجودها في جميع أنواع التضاريس، بما في ذلك الشواطئ والصحراء. هناك الآلاف من سلالات Bt المختلفة، المنتجة لأكثر من 200 نوع من البروتينات البلورية ذات الكفاءة العالية ضد مجموعة واسعة من الحشرات مثل يرقات الفراشات والعث وكذلك يرقات البعوض، بالإضافة إلى بعض اللافقاريات الأخرى. وتُستخدم بكتيريا Bt إلى حد كبير في الزراعة، وخاصة الزراعة العضوية. وتستخدم أيضا في برامج الرش الجوي في المناطق الحضرية، والمحاصيل المعدلة وراثياً.
كيف تعمل بكتيريا Bt؟
- تقوم الحشرة بأكل البكتيريا، فتتحلل السموم في أمعاء الحشرة ذات القاعدية العالية وتصبح نشطة.
- ترتبط السموم بمستقبلات خاصة بها، وتتوقف الحشرة عن الأكل.
- تقوم البلورات بتحطيم جدار الامعاء فتسمح للأبواغ وكذلك البكتيريا في صورتها الخضرية بدخول الجسم.
- تتكاثر البكتيريا، فتموت الحشرة في غضون أيام.
وعلى الرغم من أن الحشرة لا تموت على الفور بعد تعرضها لسم البكتيريا وتحتاج لبضعة ساعات إلى أيام، إلا أنها تتوقف عن الأكل خلال ساعات وهذا سبب كافي للتأكيد على أن النبات لن يتعرض لمزيد من التلف خلال الفترة بين التعرض للسم والموت.
Bt kurstaki (Bt-k)
هذه البكتيريا مثالية جداً لمكافحة يرقات الخيام (Tent caterpillars)، العثة الغجرية (Gypsy moth)، دودة الطماطم (Tomato hornworm) وغيرها من أنواع اليرقات التي تتغذى على أوراق الأشجار والشجيرات والطماطم والخضروات المختلفة. تظهر فعالية بكتيريا Bt-k بصورة كبيرة عند تطبيقها واستخدامها على اليرقات وهي صغيرة؛ قبل أن تصل لمرحلة البلوغ. ولان بكتيريا Bt-k تتحلل بسرعة تحت ضوء الشمس، قد يتطلب هذا إعادة تطبيقها على الحشرات، كما وينصح الانتظار حتى وقت متأخر بعد الظهر لضمان فعالية أكبر.
Bt (Bt-i)
تعد هذه البكتيريا من المبيدات الحيوية شديدة التخصصية ضد البعوض والذبابة السوداء. يمكن تطبيقها بأمان على قنوات الري، المراعي والمستنقعات والبرك والحدائق المائية وأواني الزهور وكذلك قنوات تجميع مياه الأمطار. بمعنى آخر يمكن تطبيقها أينما حلت المياه الراكدة. بكتيريا Bt-i فعالة جداً، فهي تستطيع أن تقتل 95-100% من يرقات البعوض في غضون 24 ساعة. ولضمان هذه الفعالية يجب تطبيقها على اليرقات الصغيرة. وقد تم عزل واستخدام بكتيريا شبيهة في قطاع غزة، فلسطين قبل عدة أعوام وأصبحت تستخدم من قبل الجهات المختصة لمكافحة البعوض
Bt san diego (Bt-sd) & Bt tenebrionis (Bt-t)
سجّلت خنفساء بطاطس كولورادو (Colorado potato beetle) مقاومة لا مثيل لها للعديد من المبيدات الحشرية الكيميائية، إلا أن بكتيريا Bt-sd و Bt-t نجحتا في القضاء عليها، ويمكن استخدامهما على خنفساء أوراق شجرة الدردار (Elm leaf beetle)، ويمكن تطبيقهما على البطاطس والباذنجان والطماطم. يجب تطبيق هذه المبيدات الحيوية على اليرقات الصغيرة، حيث أنها لا تؤثر على الخنافس البالغة.
المخاطر المحتملة لاستخدام هذ النوع من البكتيريا في المكافحة الحيوة
• لم تجد وكالة حماية البيئة الأمريكية (USEPA) أي مخاطر على صحة الإنسان تتعلق باستخدام بكتيريا Bt.
• غالبا ما تستخدم بكتيريا Bt بالقرب من البحيرات والأنهار والمساكن، وليس لها أي تأثير سلبي معروف على الحياة البرية مثل الثدييات والطيور والأسماك.
• أظهرت بكتيريا Bt تهيجاً خفيفاً في عيون أرانب الاختبار، وقد تكون ناجمة عن الخصائص الفيزيائية بدلا من الخصائص البيولوجية لشكل البكتيريا الذي تم اختباره.
• لم يظهر أن لدى بكتيريا Bt أي سمية مزمنة أو أي آثار مسرطنة. ولا يوجد هناك أي مؤشرات على تسببها في العيوب الخلقية في الثدييات.
• تمتاز بكتيريا Bt بسرعة تحللها في البيئة وهي بذلك لا تشكل أي تهديد للمياه الجوفية، كما وتتحلل بسرعة تحت ضوء الشمس وتحت الاشعة فوق البنفسجية.
المصدر: موقع "منظمة المجتمع العلمي العربي