انطلقت صباح اليوم الأحد في جدة أعمال المؤتمر الرابع لمنظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة "تجارب وآفاق" الذي تستضيفه وزارة الخارجية السعودية بالتعاون مع الأمانة العامة للمنظمة على مدى يومي 5-6 يونيو.
وقال نائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبد الكريم الخريجي في كلمته الافتتاحية إنَّ مؤتمر الوساطة الرابع لمنظمة التعاون الإسلامي يأتي في وقت مليء بالأحداث التي تعصف بالعالم أجمع والتي تؤثر على السلم والاستقرار الدوليين، وذلك إيماناً من المملكة العربية السعودية بأن الاستقرار والسلم والأمن نواة التقدم والتطور والازدهار للشعوب.
وأوضح الخريجي أنَّ هذا المؤتمر يأتي "امتداداً للمؤتمرات السابقة التي عقدت في الجمهورية التركية، سعياً إلى محاولة إرساء قواعد ومنهج للدور المأمول في مجال الوساطة تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي".
وأشار الخريجي إلى أنَّ "القضايا المعقدة والملحة داخل دول العالم الإسلامي وغيرها من دول العالم بحاجة ماسة في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم اليوم إلى حل ناجع ووسائل أكثر فعالية، وذلك باعتماد أساليب وطرق عدة من جملتها ضرورة تضافر جهود المنظمة مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإيجاد أفضل الحلول في هذا الشأن من أجل معالجة كل تلك التحديات والمخاطر باستثمار منهج الدبلوماسية الوقائية الرامية إلى منع نشوء النزاعات بين الأطراف المختلفة والتصدي لتصاعدها ووقف انتشارها من خلال الحوار والمفاوضات وبذل المساعي الحميدة للتوفيق بين تلك الأطراف المتنازعة".
وأكد الخريجي أن السعودية "قامت ومنذ تأسيسها باعتبارها دولة محورية على مرتكزات أساسية من أهمها المساهمة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، والسعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية كما أسهمت بدورها وما تزال في بذل مساعيها الحميدة لدى العديد من الدول في سبيل درء الخلافات التي ألمت ببعض الدول عبر كافة السبل ومختلف الوسائل التي كان وما يزال من بينها تفعيل دور الدبلوماسية الإنسانية".
وأشار إلى أن المملكة وبتوجيهات كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمتابعة دؤوبة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أولت عناية لتقديم الدعم والمساعدة سواء عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أو عن طريق الصندوق السعودي للتنمية حتى غدت المملكة من أوائل الدول المانحة.
وفي مستهل كلمته، وجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه الشكر إلى المملكة العربية السعودية لاستضافتها المؤتمر الرابع لمنظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة، مشيداً بكل الجهود التي تقوم بها المملكة بصفتها دولة المقر لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيس الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية.
وأكد طه أن موضوع الوساطة يحظى بأهمية كبيرة لدى المنظمة، إذ تنعقد الدورة الرابعة لمؤتمر الوساطة في منعطف حرج، وفي وقت العالم فيه في أمسّ الحاجة إلى الوساطة والحوار والمفاوضات من أجل حل الصراعات.
وأوضح الأمين العام أن ميثاق منظمة التعاون الإسلامي يطالب الدول الأعضاء بانتهاج الوسائل السلمية لتسوية المنازعات عن طريق المساعي الحميدة أو التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو المصالحة أو التحكيم أو التسوية القضائية أو أية وسائل سلمية أخرى.
وشدد الأمين العام على أن منظمة التعاون الإسلامي تولي اهتماما خاصا بالوساطة، حيث إن نحو 60 في المائة من مجموع النزاعات في العالم يقع ضمن جغرافية المنظمة، مشيرا إلى أنه بسبب هذه الصراعات، تعرضت الشعوب إلى العديد من التجارب المريرة وقد تراجعت التنمية الشاملة في هذه البلدان، لذلك فإن لدى أعضاء المنظمة التزاما قويا بحل النزاعات المعلقة بشكل سلمي ودائم.
واستعرض الأمين العام في كلمته العديد من النجاحات التي حققتها منظمة التعاون الإسلامي في مجال الوساطة في النزاعات المختلفة، ومن أبرزها التوسط في النزاعات في جنوب الفلبين وجنوب تايلاند والسودان وتشاد وأفغانستان، واضطلعت المنظمة بدور في دعم الجهود الدولية الهادفة إلى إحلال السلام والأمن واستعادة سيادة القانون في الصومال وغينيا، ومحاولة إنهاء التوتر الطائفي في العراق في عام 2006.
بدوره أشاد المندوب الدائم للجمهورية التركية لدى منظمة التعاون الإسلامي السفير محمد متين إكر في كلمته بالسعودية ومنظمة التعاون الإسلامي لتنظيمهما هذا المؤتمر الذي يأتي في الوقت المناسب.
وقال السفير إكر إنَّ منع النزاعات وحلها والوساطة أصبحت أكثر أهمية نظراً للتطورات الجيوسياسية الأخيرة وعدد الصراعات الآخذ في التزايد.
وأضاف بينما يتزايد تواتر النزاعات، فإن طبيعتها تتطور بسرعة أيضاً، ولهذا السبب، يجب على منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء فيها التركيز أكثر على الحل السلمي للنزاعات.
وأشار إلى أن تركيا ركزت على منظمة التعاون الإسلامي من خلال استضافتها للدورات الثلاثة الأولى من مؤتمر الوساطة، لأنها تؤمن بإمكانيات المنظمة باعتبارها ثاني أكبر منظمة دولية والصوت الجامع للعالم الإسلامي، لافتاً إلى أن هذا المؤتمر سيكون بالتأكيد منصة مهمة لمتابعة العمل المهم الذي تم إنجازه حتى الآن.
من جانبها، قالت كومبا جو مستشار الدولة الرئيسي بوزارة العدل في غامبيا خلال كلمتها التي ألقتها نيابة عن المجموعة الإفريقية في منظمة التعاون الإسلامي: إن مؤتمر الوساطة يعد منصة مبتكرة لمشاركة خبراتنا المتنوعة لترسيخ السلام والأمن للعالم الإسلامي.
وأكدت أن الوساطة آلية قوية يجب تشجيعها واستخدامها لمنع تصعيد التوترات التي قد تؤدي إلى صراعات خطيرة، مشددة على ضرورة تعزيز قدرات الدبلوماسية الوقائية لمنع ما تجره الصراعات من تكاليف باهظة على الحياة والممتلكات وتأخير تطلعاتنا التنموية.
وفي كلمته عن المجموعة الآسيوية، قال المندوب الدائم لجمهورية باكستان الإسلامية لدى منظمة التعاون الإسلامي سعيد رضوان شيخ إن مؤتمر الوساطة يعقد في وقت يواجه فيه العالم الإسلامي عدداً من الصراعات، سواء كانت صراعات داخلية، أو صراعات متعلقة بالاحتلال كما هو الحال في فلسطين، أو صراعات متعلقة بالمشاكل التي تواجهها الأقليات المسلمة.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر يأتي في إطار تفعيل أدوار المنظمة في الوساطة وحل الصراعات، مشدداً على ضرورة أن تلعب المنظمة دوراً في هذا المجال، وأن تكون لها هياكلها الخاصة للتعامل مع الصراعات وحلها.
وفي كلمته عن المجموعة العربية في منظمة التعاون الإسلامي، أكد سفير جيبوتي لدى السعودية المندوب الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي ضياء الدين بامخرمة أن المؤتمر ينعقد في ظل ظروف دقيقة وحساسة تتواصل فيها الصراعات والنزاعات وتتجلى فيها تحديات كبيرة أمام الأمن والسلم العالمي.
وأشار إلى أن المؤتمر سيكون تجسيداً للتوافق حول خطوط عريضة وواضحة لتعزيز قدرة الوساطة في منظمة التعاون الإسلامي، لافتاً إلى أنه سيبحث في هذا الصدد الوسائل المبتكرة لتحديد الأدوار الجديدة للمنظمة للمشاركة في جهود الوساطة.
يذكر أن الجلسة الافتتاحية شهدت أيضاً عرض فلم مرئي عن جهود المملكة العربية السعودية في الوساطة.