بدأت صباح اليوم مسابقة الباكالوريا، أهم مسابقة وطنية بمشاركة أزيد من 47 ألف مترشح، من عموم موريتانيا.حيث تجمع الآلاف من المرشحين وأولياء أمورهم أمام بوابات مراكز الامتحان في نواكشوط والتي بلغ عددها هذا العام 63 مركزا، ويشكل المترشحون " الأحرار" من غير المدارس الخاصة والمدارس الحكومية أزيد من 16 الف مترشح، أي أكثر قليلا من ثلث المترشحين للمسابقة، فيما يبلع عدد المرشحين من المدارس الخاصة أزيد من 14 الف مترشح، والبقية من المدارس الحكومية.
وفي أول أيام الامتحان عادة ما يتأخر توزيع الموضوعات في انتظار تعرف المترشحين على قاعاتهم،والتثبت من أرقام جلوسهم، بينما لا يكون الحال كذلك في بعض من مراكز الداخل عندما توزع الأسئلة في الوقت المحدد الثامنة صباحا، ويشكل فارق التوقيت تحديا حقيقيا أمام التأكد من عدم تسرب الامتحان ووصوله إلى مترشحي نواكشوط قبل دخولهم قاعات الامتحان.
تحديات ماثلة
من التحديات المطروحة كذلك اختلاف مستوى الانضباط من مركز لآخر وفق خبرة وصرامة لجان الإشراف والرقابة، وكذلك حسب الشعب، وفي هذا العام أصبحت شعبة الآداب العصرية، تشكل أزيد من 20% من المترشحين، رغم ما يرمى به مرشحو هذه الشعبة من عدم الانضباط، وتمرس البعض منهم في عمليات الغش باصطحاب المصغرات، وجلب الهواتف النقالة وغيرها لتسهيل الغش ،بعدما كانت سابقا شعبة أجاويد طلبة المحظرة الموريتانية.
كما أن الهواتف الذكية أصبحت تحديا آخر أمام نزاهة الامتحان بسبب استخدامها على نطاق واسع في الغش والتحايل، وأحيانا تسريب المواضيع عند الدقايق الأولى لتوزيع الأسئلة، كما تستخدم لتوزيع الإجابات، ونشطت مؤخرا ما يشبه شبكات منظمة من بعض الطلبة الجامعيين وبعض المدارس الخاصة،وحتى المدرسين تعرض خدماتها في تسهيل الغش، ومساعدة المترشحين لتجاوز الامتحان في مقابل الحصول على مبالغ مالية أو تسهيلات من أولياء الأمور.
وعلى مستوى طواقم الإشراف يشكو أهل التعليم الثانوي ممما يسمونه اكتساح أساتذة التعليم العالي للقطاع وهيمنتهم على رئاسة مراكز الامتحان، فيما لا يتم الانتقاء في اختيار المراقبين، وليست هناك معايير واضحة في هذا الشأن ويظل الأمر متروكا للادارات الجهوية.
خدمات دون المستوى
وعلى مستوى الخدمات المقدمة للمرشحين دأبت بعض الجمعيات والأحزاب على تنظيم سقاية وتقديم وجبات خفيفة للمترشحين في بعض المقاطعات، فيما تتحمل لجان الإشراف مسؤولية توفير المياه على الأقل للمترشحين في المراكز وهو ما سجل تخلفه في اليوم الأول في بعض المراكز رغم ارتفاع الحرارة.
لا يبدو أن الإمكانات المادية قد سمحت بإجلاس كل مترشح على طاولة مستقلة في هذه الدورة لذا استمر الوضع السابق من إجلاس طالبين على طاولة واحدة مما يسهل الاختلاس وتبادل المعلومات بين الممتحنين.كما كانت الطاولات في حالة يرثى لها، واستخدمت الإدارات حتى طاولات الأطفال لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المترشحين، وكانت بعض القاعات سيئة التهوية، مهترئة السقوف الأرضيات، متسخة الجدران بل إن جدرانها أحيانا تحمل عبارات غير لائقة ورسوم خادشة لم تكلف الإدارات نفسها مجرد طلاء هذه الجدران .ولا يسلم الامتحان من مظاهر لاستغلال النفوذ، عندما يرافق بعض المسؤولين أبنائهم المترشحين إلى مراكز الامتحان.
خطوات إيجابية
ومن الجوانب الايجابية لوحظ تحسن طفيف في الحد نسبيا من الاختلاط داخل القاعات بحيث التقليل من جلوس الأولاد مع البنات، وكذا الصرامة في حظر إدخال الهواتف النقالة، وحتى الحقائب إلى المراكز، وكانت السلطات قد اتخذت إجراءات عقابية ضد العشرات من المترشحين بسبب اصطحاب الهواتف العام الماضي مما يتوقع أن يحد من ظاهرة الغش عبر الهواتف هذا العام، فيما تظل التحديات الأخرى المتربطة بتسهيل الغش تراوح مكانها خاصة في الداخل حيث سطوة العادات والتقاليد وتحكم القبلية والشرائحية وفق بعض المراقبين.