دفعت القفزة الكبيرة التي عرفتها كلفة الحج هذه السنة الحكومة الجزائرية للتدخل لإنقاذ الموسم بعد ظهور بوادر عزوف وعدول السواد الأكبر من الحجاج المحتملين والمسجلين في القوائم عن أداء المناسك قبيل فترة وجيزة عن أول رحلة جوية مبرمجة نحو مدينة جدة السعودية، وذلك بعد سنتين من الغلق بسبب جائحة كورونا.
ومن التسهيلات الحكومية السماح للمصارف بتمويل كلفة الحج، وسط جدل كبيرٍ في الشارع، فيما تهدد وكالات السفر والسياحة بإلغاء الحجوزات إذا لم تتدخل الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعدما لم تكتمل فرحتهم وفرحة الحجاج بعودة شعيرة الحج.
وسمح البنك المركزي الجزائري بصفة استثنائية للمصارف التي تبنت الصيرفة الإسلامية بطرح قروض مصرفية موجهة للحجاج الراغبين في أداء مناسك الحج لهذه السنة، وذلك بعد استشارة المجلس الإسلامي الجزائري الأعلى، الذي أصدر فتوى بجواز الخطوة شرعا، في خطوة لم تلق بعد الأصداء الإيجابية لتحسس المواطنين من القروض المصرفية وشبهة الربا التي تلازمها عادةً.
وفي السياق، أوضح مدير التسويق في البنك الجزائري عمر أوسيدهم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القرض المُيسّر سيكون مفتوحا للسداد في ظرف 27 شهرا من استفادة الحاج، في حين أن المعني لن يسدّد أي أقساط طيلة 3 أشهر من عودته من البقاع المقدسة لتمكين هذا الأخير من الاستراحة من تعب أداء المناسك، وتدبر وسائل وكيفيات لتسديد الأقساط بعدها على مدار 24 شهرا، وتشمل العملية أصحاب الحسابات المصرفية، سواء باسم الحاج نفسه، أو أحد المقربين جدا منه، مثل أبنائه أو الزوجة، أو الشقيق".
ولفت المتحدث نفسه إلى أن "القرض يغطي حتى 70 بالمائة من كلفة الحج، وهو نفسه المبلغ الذي يعيده المستفيد للبنك في المدة الزمنية المحدّدة من دون أي فوائد أو هامش ربح، وبتفويض من المجلس الإسلامي الأعلى".
وكان الديوان الجزائري للحج والعمرة قد حدد كلفة الحج لسنة 2022، بـ856 ألف دينار، أي ما يعادل 5900 دولار، مقابل 510 آلاف دينار، أي 3517 دولارا كلفة الحج في عام 2019، وهو آخر موسم قبيل ظهور جائحة كورونا.
وخلفت الزيادة التي أقرها ديوان الحج والعمرة والتي فاقت 300 ألف دينار على كلفة الحج غضب الحجاج بالرغم من دعم الدولة الجزائرية لتذكرة السفر، ما جعل العديد من الوكالات السياحية المعنية بتنظيم رحلات الحج تهدد بالانسحاب وتجميد رخصتها خوفا من تكبد خسائر كبيرة، بعدما استبشرت بعودة المناسك هذه السنة.
المصدر: العربي الجديد
وإلى ذلك، يرجع عضو نقابة وكالات السفر الحاج واعلي زيان "ارتفاع كلفة الحج إلى أسباب داخلية وأخرى خارجية، حيث اعتمدت المملكة العربية السعودية ضرائب جديدة على الخدمات، تعادل 15 بالمائة على خدمات النقل والإعاشة والإسكان، فيما ارتفعت أيضا تسعيرة التأشيرة السعودية والتي حددت بـ300 ريال سعودي، والتي تعادل نحو 15 ألف دينار جزائري، أي حوالي 103 دولارات، يضاف إليها تأمين شامل على الحجاج القادمين من خارج البقاع المقدسة بـ95 ريالاً".
وأضاف المتحدث نفسه أن "العوامل الداخلية تتعلق أساسا بتراجع الدينار بأكثر من 40 بالمائة أمام الدولار، مقارنة بسنة 2019، مع العلم أن الحكومة الجزائرية سمحت للحجاج لأول مرة بدفع الأموال بالدولار، ولكن عبر التحويل المصرفي، مع العلم أن البنك المركزي حدد سعر ما يتم بيعه سنويا لكل جزائري بحوالي 100 دولار فقط للسفر، ما يعني أن الحاج يتوجه للسوق الموازية لشراء العملة الصعبة، ما يؤدي لارتفاع كلفة الحج أكثر وارتفاع أسعار الصرف في الأسواق الموازية لصرف العملات".
وحول القروض المصرفية وفق الشريعة الإسلامية، الموجهة لتمويل مناسك الحج لغير القادرين ماديا، يرى عضو نقابة وكالات السفر الحاج واعلي زيان، أنها "لن تغير من المشكل شيئا، لعدة أسباب، ولن يتقبل المواطن أن يمول حجه بقرض بنكي مهما كان اسمه ومحتواه، فالجزائري يتحسس من المصارف والقروض عموما ولو كانت مُيسرة وفق نظام المرابحة الشرعي أو دون ربى وفوائد، ويصعب إقناعه بالعملية وإن كنا نأمل أن تنجح العملية، لكن نحن كوكالات سفر نطالب بمراجعة الأسعار سواء بدعم مباشر للعملية أو عبر التفاوض مع السلطات السعودية".