لقد أدت حرب اليكتاتور الروسي بوتين التوسعية، لاحتلال أجزاء واسعة من أراضي جارته الصغيرةأوكرانيا، إلى أزمة طاقة عالمية متفاقمة، تمثلت في الارتفاع القياسي لأسعار النفط والغاز،بل ونقص في الإمدادات،وخوف من توقف بعض سلاسل التوريد لمنتجات الطاقة، عصب الإنتاج الصناعي، وروح اقتصاد العولمة.
وزاد الطين بلة، أن روسيا لاعبا رئيسيا في سوق الطاقة، خاصة الغاز، إذ توفر أكثر من 41% من حاجة الاتحاد الأوربي من الغاز، وكان الأدهى من ذلك والأمر، محاوف كثير من دول أوربا، أن يواصل بوتين زحفه غربا فيلتهم الدول الأوربية الصغيرة والمتوسطة، مع احتمال نشوب حرب عالميىة، أوسع مجالا،وأكثر عدة وجندا،,اشد تدميرا لاقتصاد العالم المعولم،وأكثر فتكا بمنجزات الحضارة المعاصرة،وثورتها التقنية.
المغرب والجزائر: الاستراتيجيات المتناقضة، والتنافس المحموم في مجال الطاقة
أعلنت الجزائر ونيجيريا والنيجر عن اتفاق لإطلاق خط الغاز العابر للصحراء، لتزويد أوربا يالغاز الطبيعي،وتم الإعلان أنه أنه تم الاتفاق على مواصلة المشاورات، عبر الفريق التقني الذي تم تشكيله، خلال هذا الاجتماع. وتكليفه بإعداد كل البنود والدراسات التقنية، والمالية ودراسات الجدوى المتعلقة بتجسيد مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الذي يربط الدول الثلاث بالقارة الأوروبية على مسافة تتعدى 4000 كلم.
وأعلنت الجزائر مواصلة الاجتماعات التحضيرية لهذا المشروع خلال شهر يوليو القادم.
وقبل أسابيع أعلنت المغرب ونيحيريا عن تسريع تنفيذ مشروع الغاز المنطلق من نيجيريا بغرب إفريقيا نحو المغرب ومنه إلى أوروبا هذا المشروع تمت دراسته سنة 2018 ووقعت عليه المغرب ونيجيريا وهو بطبيعة الحال سيمر من موريتانيا
وأنبوب الغاز هذا سيمتد على طول 5660 كيلومترا بين نيجيريا والمغرب وسيمر هذا الأنبوب بكل من بينين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا. وسيتم "تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجات المتزايدة للدول التي سيعبر فيها وصولاً إلى أوروبا خلال الـ 25 سنة القادمة"، وسيكلف حوالي 20 مليار دولار.
الرابحون من أنابيب نيجيريا ...... إلى أوروبا
على الرغم من الاسئلة المتعلقة بمدى واقعية مشاريع الأنابيب هذه من عدمها، وعقبات توفير التمويل اللازم، وإمكانية إنجازه في المدة المحددة، إلا أنه "يبقى مشروعا اقتصاديا طموحا بامتياز ومربحا لكل الدول التي يشملها، سواء المصدرة للغاز الطبيعي أو للدول المستهلكة له"، هكذا يلخص عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في الرباط، الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع. " فنيجيريا ودول إفريقية أخرى تبحث عن ممر استراتيجي لإيصال الغاز الطبيعي الإفريقي إلى أوروبا التي تعد واحدة من بين اكبر المستهلكين لهذه المادة الحيوية في العالم، خاصة بعد حرب روسيا على أوكرانيا،والابتزاز والضغط الذي يمارسه بوتين،على الاتحاد الأوربي.وجعلهم يسعون سعيا حثيثا لإيجاد بدائل.
بينما ترى أوروبا في المشروع واحداً من بين الخيارات التي قد يخفف عنها التبعية لروسيا في مجالي الغاز والنفط، كما وضح الأستاذ مصباح مناس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر، فألمانيا وحدها تستورد نحو 30% من احتياجاتها النفطية والغازية من روسيا،
فهل ستجمع أوريا بين "الأختين"، مذل ما قد سلف، في مجال أنابيب تصدير الغاز لتزويد سوقها المأزوم، والخاضع للابتزاز الروسي؟
وأي "الأختين" الجارتين، ستكسب الرهان في مجال توريد وتصدير الطاقة؟ الجزائر حديثة العهد بالانقلابات العسكرية، البلد المصدر للنفط والغاز،أم مملكة ءال مولاي اسماعيل الدستورية،المعروفة بالدهاء السياسي،و"الارتباطات" الدبلوماسية العريقة،والتي شهدت بعض التداول السلمي، بين حكومات متعددة، كان محسوبا بعضها على المعارضة،وقدر لا بأس به من حرية الصحافة،وحرية النقابات، والمجتمع المدني، في سابقة يعز نظيرها في العالم العربي المأزوم سياسيا وتنظيميا ؟
وهل ستسمح هشاشة الأمن في النيجر، وتمرد الطوارق،ونظرتهم السلبية القديمة لحكام الجزائر،والوضع في مالي الدولة الفاشلة القريبة من تنفيذ الأنبوب النيجيري - الجزائري الحلم؟
وهل يمكن للأنبوب المغربي النيجيري " الحلم الاقتصادي"،باهظ التكاليف، من تجاوز عقبات التمويل، وكونه يمر عبر 11 بلدا من بلدان غرب إفريقيا الفقيرة، وغير المستقرة، بل يصنف بعضها في خانة الدول الفاشلة، حتى يتحقق هذا الحلم على أرض الجغرافيا المتحولة؟
وماهي حقيقة التحفظ الموريتاني ، البلد الذي سيصبح بحول الله قريبا مصدرا للنفط، على مشروع الأنبوب النيجيري المغربي؟
وهل ستمتلك الحكومة المور يتانية "روية استراتيجية"، وتخطط لبناء خط أنابيب موريتاني مغربي لتزويد أوربا يالغاز؟