لا تكاد الاستعدادات للعيد الكبير تنتهي حتى تبدأ من جديد، فالتجار ينتظرون هذه الفرصة كل موسم على أحر من الجمر، لكن أمل التجار هذا العام أكبر مع التخفيف من الإجراءات الاحترازية ضد كورونا، وإن ألقت تداعيات الجائحة بظلالها القاتمة على مستوى الأسعار والمعروضات في هذا العيد، تلك التداعيات التي تفاقمت بسبب ظروف الحرب الروسية على أوكرنيا كما يشرح بائع الملابس بسوق المركزي الشاب محمد عبد الله وهو ينفض الغبار عن معروضاته من ملابس الرجال والأطفال.
تتربع فاطمة سليمان (فاله) بين زميلاتها بائعات الملحف وهن يرتبن بعناية معروضاتهن ذات الألوان الزاهية في إحدى زوايا السوق التي تغص بمعروضات الملابس من كل الأنواع والمقاسات.
تقول فاله إن الإقبال على البيع ضعيف جدا في هذا العيد ربما بسبب الغلاء، لكنها وزميلاتها لا يجدن غير بيع الأنواع ذات الجودة المتدنية من الملحف لكسب قوتهن وقوت عيالهن.
تتحدث البائعات إلى الفكر عن حاجتهن إلى تسقيف العنبر الذي يجلسن في كنفه، وحاجة السوق إلى الحماية من الحرائق والسرقات أيام العيد.
تصنف البائعات معروضاتهن ب"رباخه" أو الملابس المستعملة التي يكثر الإقبال عليها بسبب غلاء الملابس الجديدة،لكن يظل المطلب الأبرز لهن توفير أماكن تنعم بالظلال بعيدة عن حرارة الشمس التي تنغص عليهن فرحة الموسم.
في فضاء السوق تختلط الأصوات ويغيب صداها وسط ضجيج صاخب، لا تكاد تميز فيها سوى أصوات الأدلاء وهم ينادون على سلعهم المزاجاة على ناصية الشارع أو من على عربات البيع.
وعلى غرار العيد الماضي تظل الشكوى من غلاء الملابس لسان حال العديد من رواد السوق الذين تحدثوا للفكر عن تبدل في عادات بعض الأسر الموريتانية والتي أصبح همها الأول توفير ملابس العيد للأطفال فقط دون الكبار.
أما في هذا العيد عندما تزداد المصروفات بثمن الأضحية فلا يبقى أمام الكثيرين غير التوجه إلى الملابس المستعملة، أو الجديدة من النوعيات الأقل جودة حيث يظل هاجس الغلاء هو ما يؤرق الكثيرين.
في أسواق وسط نواكشوط تتزايد أعداد الأطفال الذين ألقت بهم ظروف الفقر والغلاء إلى الشارع، فلا يجدون غير امتهان التسول أو تعاطى بيع علب البلاستيك وبعض المعروضات غير المصنفة، لكن يبقى من الملفت تضاعف عدد هؤلاء عيد بعد آخر كما يقول أحد تجار السوق فضل الاحتفاظ بهويته.
في المقابل يبدي الجميع ارتياحه من تدخل أمن الطرق للحد من الاختناق المروري والزحمة في هذا العيد خاصة في أسواق وسط نواكشوط حيث يجري تأمين مساحات واسعة لمعروضات الباعة وحركة المتسوقين مما يحد من عمليات السلب بالإكراه وحوادث السرقة التي لا تسلم منها مواسم الأعياد.