قال خبير اقتصاديات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن الأحداث المرتبطة بالنفط والغاز، خلال الأسابيع الـ4 الماضية، وتواترها ونوعيتها مثيرة للشك.
وأوضح -خلال حديثه في حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة" على تويتر- أن هناك أدلة تشير إلى وجود مشكلات تقنية تتعلق بتشغيل مصفاة بأقصى طاقة ممكنة، على الرغم من أن البعض يقول إن هذه الأحداث مجرد صدفة.
وأضاف -خلال الحلقة التي جاءت بعنوان "مستجدات أسواق النفط والغاز"- أن "المصفاة (في إشارة إلى حريق مصفاة إكوينور النرويجية) كلها نيران ومراجل ضخمة، فهي عملية طبخ في النهاية، ويمكن أن يحدث حريق بكل سهولة مع زيادة معدلات التشغيل فيها، وهو أمر ينطبق على كل شيء، سواء الأنابيب أو غيرها، عند زيادة معدلات التشغيل تزداد المشكلات الفنية والتقنية".
أشار الحجي إلى العطل الفني الذي حدث في النرويج، الذي أوقف إمدادات الغاز هناك، وقد تقف هذه الإمدادات لأشهر طويلة، وبعدها بيوم واحد اندلع حريق في مصفاة نفط، وقبلها بعدة أيام تعطلت مضخة تنقل الغاز من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن قبل هذه الحوادث بمدة قصيرة اندلع حريق في محطة فريبورت للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، الذي أدى إلى انخفاض الصادرات الأميركية بمقدار ملياري قدم مكعبة يوميًا، وهي كمية كبيرة، ولن تعود هذه المحطة إلى العمل إلا بعد عدة أشهر.
وأضاف: "في الوقت نفسه، وبعد نحو 36 ساعة تقريبًا من الحريق الأميركي، حدث حريق في محطة غاز في سيبيريا الروسية، ما أدى إلى انخفاض صادرات الغاز إلى أوروبا بسبب حدوث مشكلات تقنية في الأنابيب، وفق ما قاله الروس".
وفي الوقت نفسه -بحسب الدكتور أنس الحجي- خسر النفط الليبي، وإحدى الفرق التي أسهمت في هذه الخسارة لها علاقة مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما هددت الجزائر أوروبا بوقف صادراتها من الغاز، وعلاقة الجزائر مع روسيا ودعمها لها معروفان للجميع.
استفادة روسيا من الحوادث
قال الدكتور أنس الحجي: "إذا نظرنا إلى الأحداث كافة المتعلقة بالنفط والغاز التي وقعت مؤخرًا، سنجد أن المستفيد الأول منها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لذلك لا يمكن القول إن هذه الأحداث جميعها وقعت بالصدفة، فمن الواضح أن هناك تنسيقًا معينًا، على الأقل لبعض الأحداث إن لم تكن كلها".
وأكد أن هناك استخدامًا لسلاح النفط والغاز من الطرفين، لأن الحريق الذي حدث في سيبيريا أيضًا قد يكون نتيجة هجوم سيبراني، وما حدث في النرويج قد يكون نتيجة هجوم مماثل، كما أن شركة النفط الهندية تعرضت لهجوم سيبراني، وتوقف إنتاج الهند النفطي في أحد أقاليمها.
وأشار إلى أن هذه الحوادث كلها تخدم بوتين من جهة، وأن الدول الأخرى التي انخفض فيها الإنتاج، أو تهدد بوقف الإنتاج، جميعها لها علاقة مباشرة مع الرئيس الروسي.
بوتين ومشروعات النفط الغربية
ردًا على سؤال حول إمكان إنشاء مشروعات النفط والغاز في الغرب خلال السنوات الـ10 المقبلة، قال الحجي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجح بصفه غير مباشرة في تأخير عمليات الحياد الكربوني، وتطبيق سياسات التغير المناخي، على الأقل من 7 إلى 8 سنوات.
وأضاف مستشار تحرير منصة "الطاقة"، الدكتور أنس الحجي، أن "هناك مشكلة كبيرة بالنسبة إلى المشروعات في الغرب، وهي أن موضوع التغير المناخي أصبح دِينًا، ومن ثَمَّ، عندما تأتي إلى الدين والمعتقد يستطيع الناس تحمل الألم مقابل ذلك، لذلك لست متفائلًا بصورة كبيرة بالنسبة إلى هذه المشروعات في كثير من الدول".
وأوضح أن بعض الدول ستعود إلى مشروعات النفط والغاز، ولكن بعض الدول لن تتراجع، لأن قضية المناخ أصبحت بالنسبة إليها مثل المعتقد والدين.ولفت إلى أن هناك إعادة تمركز لمصافي النفط حول العالم، في حين تتوقف المصافي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، نجد أنها تزيد في دول أخرى، مثل دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وفي دول مثل الصين والهند وفيتنام.
وتابع: "إعادة تمركز هذه المصافي يحدث بسبب القوانين البيئية والقواعد الصارمة التي يتبعها الغرب، وبعضها غير منطقية".
وتساءل: "حتى مع إعادة التمركز، هل ستكون هناك مشروعات كافية في المستقبل لمقابلة الطلب المتنامي على النفط والغاز؟"، لكنه أجاب بالقول: "أعتقد بناء على حساباتي أن هذا لن يحدث، ومن ثمَّ فنحن مقبلون على أزمة طاقة كبيرة جدًا لم يشهد لها التاريخ مثيلًا".
المصدر: الطاقة