من اللافت للانتباه أن أحزاب المعارضة التي كانت أكثر تحمسا للتشاور الوطني الشامل هي التي قاطعت اجتماع وزارة الداخلية، وأن أحزاب المعارضة التي كانت أقل تحمسا للتشاور الشامل هي التي شاركت اليوم في اجتماع وزارة الداخلية.
يمكن القول إن اتحاد قوى التقدم والتكتل كانا هما الحزبان الأكثر تحمسا للتشاور الوطني الشامل، وهما اليوم من أبرز الغائبين عن اجتماع وزارة الداخلية.
أما في خانة عدم التحمس للتشاور الوطني فسنجد أن حزب التحالف الشعبي التقدمي كان قد قاطع منفردا الجلسات التحضيرية للتشاور في خطوة غريبة في تقاليد الحزب وهي خطوة غير مبررة وغير مفهومة، وأن حزب الصواب، الذي انسحب مع ما يسمى بكتلة التناوب التي شكل انسحابها الضربة القاضية لمسار التشاور، يشارك اليوم في اجتماع وزارة الداخلية، والذي يشارك فيه أيضا حزب تواصل، وهو الحزب الذي لم يكن من أكثر أحزاب المعارضة تحمسا للتشاور الوطني.
يمكن للمتابع للشأن السياسي أن يطرح السؤال : لماذا غابت الأحزاب التي كانت أكثر تحمسا للتشاور الوطني عن اجتماع وزارة الداخلية، ولماذا حضرت الأحزاب التي كانت أقل تحمسا للتشاور الوطني لاجتماع وزارة الداخلية؟
أتركك لكم الإجابة، ولكن هذه بعض الملاحظات التي قد لا تكون لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالإجابة :
1 ـ من يرتكب اليوم خطأ سياسيا وانتخابيا هو الأحزاب التي قررت أن تُقاطع اجتماع وزارة الداخلية؛
2 ـ إن الحوار الشامل لم يعد ممكنا الآن، ولذا فيجب نسيانه بشكل مؤقت على الأقل، خاصة وأن الفترة الزمنية التي تفصلنا عن الانتخابات لم تعد كافية لتنظيم حوار وطني شامل وتنفيذ مخرجاته؛
3 ـ إن أولوية الأحزاب السياسية في مثل هذا الوقت بالذات ـ وبعد أن اقترب موعد الانتخابات كثيرا ـ يجب أن تتجه إلى الانتخابات وآليات تنظيمها في أجواء توافقية؛
4 ـ لقد أخطأ حزب اتحاد قوى التقدم والتكتل بغيابهما عن هذا الاجتماع، وأخطئا سابقا عندما لم يمتلكا الشجاعة الكافية للقول بأن بعض أحزاب المعارضة وقياداتها شاركت في إفشال التشاور الوطني..لقد اكتفى الحزبان مع أحزاب المعارضة الأخرى التي ساهمت في إفشال التشاور بتحميل المسؤولية الكاملة لفشل مسار التشاور للنظام وحده، وهذا للأمانة غير صحيح.