قال وزير الشؤون الاقتصادية وترقية القطاعات الإنتاجية عثمان مامدو في مقابلة مع مجلة Jeune Afrique إن موريتانيا تنتظر من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن يرفعوا تصنيف موريتانيا من "خطر مرتفع" إلى "خطر متوسط"، وهو ما سيتيح لها الولوج للسوق الدولية من أجل الاقتراض بشروط معقولة. وأكّد أن الإشكالية الآن بخصوص المديونية لا تتعلق بحجم الديون فقط، ولكن أيضا بحجم خدمة الدين التي تتحمّلها الميزانية والتي تجعل البلاد في وضع صعب،
وأضاف الوزير عصمان كان إن الحكومة-مع ذلك- تسعى بجد لإنجاح المشروع الذي يواجه جملة من التحديات منها اهتمام الشركات الدولية التي قد لا تكون أولوياتها بالضرورة هي أولويات موريتانيا، وكذلك كون هذه المواد موجهة للتصدير إلى بلدان أصبح فيها رأي عام غير مؤيد للوقود الأحفوري.
و قال الوزير إن شركة BP لم تتخذ حتى الآن قرارها بالاستثمار في المرحلة الثانية والثالثة من مشروع السلحفاة الكبيرة/آحميّم وكذلك الاستثمار في حقل بير الله الخاص بموريتانيا، مضيفا أنّه في حالة تخلي الشركة البريطانية عن المشروع فإنّ موريتانيا ستكون مجبرة على البحث عن شريك آخر. وتحدّث الوزير عن الآفاق الجيدة للاقتصاد الموريتاني هذا العام متوقعا أن يصل النمو نسبة 5% رغم تداعيات حرب أوكرانيا التي أدّت إلى تعقيدات في استيراد القمح والوقود والأسمدة. وأكّد أن نسبة التضخم المرتفعة هي مستوردة؛ بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية، فالعملة المحلية في وضعية جيدة، حسب الوزير.
وقد أعتبر بعض المحللين الاقتصاديين ، أن تصريحات وزير الشؤون الاقتصادية، التي تتسم بالصراحة، وتشخيص الواقع الاقتصادي السئء لموريتانيا،هو أمر إيجابي ويساعد على الحلول، باعتبار أن التشخيص الدقيق هو أول خطوة في سبيل العلاج.
وويرى هؤلاء المحللون، أن الوضع الاقتصادي المأزوم الذي تعيشه موريتانيا هو نتيجة طبيعية للسياسات الاقتصادية الكارثية السائدة منذ أربعة عقود، التي اتسمت بالاستدانة المفرطة من مؤسسات التمويل الدولية، وهي مؤسسات تسعى إلى تحقيق الأرباح للمساهمين والمودعين، وليست هيئات خيرية مجانية، كما ساهم تغول الفساد الرهيب بنهب هذه التمويلات والقروض حتمية السداد ولو بعد حين، كما جرف هذا الغول مداخيل البلاد من المعادن والأسماك والميزانيات، حتى إن بعض الخبراء يقدر حجم الأموال الضائعة ابتداء من العام 1985، ولغاية 2019، بما يزيد على 45 مليار دولار.
زيادة على سياسات كارثية أخرى مثل تخفيضات سعر قيمة الأوقية أمام العملات الأجنبية، التي اتخذتها الحكومات، رضوخا لطلبات صندوق النقد الدولي، وبسبب ارتفاع المديونية، والتاخر في تسديد خدمات هذه الديون، تلك التخفيضات التي حدثت سنوات 1992 و2014 و2017، مما جعل العملة الوطنية الأوقية، تفقد نسبة 152% من قيمتها الأصلية، عند الانشاء سنة1974، عند ما كان الدولار، لا يتجاوز سعره في السوق السوداء 15 أوقية للدولار الواحد، واليوم يباع في نفس السوق ب:380 أوقية للدولار الواحد !!
ويبلغ حجم الديون الأجنبية الموريتانية حاليا، أكثر من 5 مليار دولار، مما يشكل أكثر من 60% من الناتج الداخلي الخام، الذي بلغ في سنة 2021 حوالي 7,4 مليار دولار، وتبلغ خدمة الديون أكثر من 200 مليون دولار، ولولا أن الدول الغنية أشفقت على موريتا نيا بسبب جائحة كورونا، فأجلت تسديد أقساط الخدمة خلال 2019 و2020، لأوشكت موريتانياعلى دخول الوضع الاقتصادي الحرج جدا، بسبب ارتفاع حجم المديونية من جهة، وكذلك ارتفاع أقساط خدمات الدين، وكانت الديون الخارجية لموريتانيا، قد بلغت سنة 2017 نسبة 100% من الناتج الداخلي الخام.
ونجحت الحكومة الحالية في جدول الديون مع دولة الكويت حيث تراجعت من 2.5 مليار دولار وفق بعض التقديرات إلى 100 مليون دولار في الوقت الحالي وهونجاح يحسب لهذه الحكومة.
والدين رق كبيرأ فاختر من يسترقك كما قال الحكماء العرب في غابر الزمن،