اتخذت الحكومة الموريتانية يوم الجمعة الماضي قرارا كارثيا من الناحية الاقتصادية والمعيشية برفع أسعار الوقود بنسبة 30%، مما سيتسبب في موجات من الغلاء الجديدة، تضاف إلى موجات الغلاء من قيل،،القرار الحكومي جاء اذعانا لطلبات صندوق النقد الدولي، بضرورة إلغاء جميع أشكال الدعم،كشرط أولي للصندوق، لتغيير تصنيف موريتانيا السيء من الناحية الائتمانية، بعد ما بلغت الديون الأجنبية 5 مليار دولار، ووضع صندوق النقد الدولي موريتانيا في خانة "خطر مرتفع" من حيث الائتمان!!!
فالطاقة هي عصب الاقتصاد الحديث، وروج الإنتاج الافتصادي، ورافعة النمو، لأي بلد، علا أوسفل بين العوالم التسعة، المشكلة للعالم اليوم، حسب التقدم أو التخلف، النجاح أو الفشل في تحقيق التنمية، حسب خبراء الاقتصاد، ومهندسي الإقلاع، والتنمية الااقتصادية في العالم !!!
وتحتاج موريتانيا سنويا إلى مليون طن من المحرقات بأصنافها المختلفة: ( المازوت والبنزينوالفيول والكيروسين)، كان من الأجدى من الناحية الاقتصادية، أن تعقد موريتانيا، اتفاقيات تموين بالمشتقات النفطية، مع الكويت أو قطر أو الإمارات أو السعودية، أو نيجيريا، أوالجزائر بصفة مؤقته، ودون اشتراطات سياسية، بدلا من أن تستورد موريتانيا من السوق السوداء للمحروقات، عبر شركات صغيرة ووسطاء موريتانيين، وعمولات تزيد من كلفة المحروقات على المستهلكين، وتخزن غالبية هذه المحرقات المستوردة في مستودعات التخزين، التي كانت تتبع لمصفاة البترول في نواذيبو، المشيدة في السبعينيات،وقد تخلصت حكومة الرئيس الغزواني من المصفاة، وفككتها لتباع خردة، مع أن مصافي البترول منشآت حيوية استراتيجية اقتصادية هامة، ومربحة جدا،إذا أحسن استخدامها وإدارتها الفنية ولا قيام لدولة عصرية من دون وجود مصافي تكرير النفط..
بينما يخزن الجزأ الأقل من مستوردات موريتانيا من المشتقات النفطية، في مستودعات نواكشوط الأصغر حجما، ولا تزيد القدرة الاستعابية للتخزين في موريتانيا، عن 300 ألف طن من المحروقات، من حاجيات البلاد السنوية المقدرة ب: مليون طن سنويا،
وقد ظلت موريتانيا تعاني منذ التسعينيات، من أزمة طاقة ، مستفحلة عاما بعد عام، وزاد الطين انتهاج سياسات وقتية، ليست استراتيجية بالمرة، بداية من قرار حكومة ول الطايع،الخاطئ اقتصادياب بإلغاء الاتفاق مع الدول لتزويد السوق الموريتاني بحاجياته المتزايدة نسبيا من المحروقات،في نفس الوقت، الذي توسعت فيه شبكة الكهرباء، المعتمدة جلا على المحطات الحرارية، التي تعمل بالمازوت والفيول.
وكذلك ازدياد أسطول السيارات في البلد إلى حوالي 600 ألف سيارة، وتوسع بعض عمليات شركة "أسنيم"، سعيا لزيادة إنتاجها من خام الحديد " المتجمد"، عند سقف 12 مليون طن، منذ أربعة عقود، وكذلك توسع عمليات شركة تازيازت، وكذلك حاجة أساطيل الصيد البحريالأجنبية من المحروقات،،وكذلك توسع عمليات العملاق الكندي"تازيازت كاينروس، في استغلال مناجم الذهب، إضافة الى ازدياد حركة الطيران في مطار نواكشوط الدولي، بسبب كثرة حركة المسافرين، خاصة المرضى الموريتانيين، بالآلاف، المتوجهين إلى تونس، والمغرب ، وأسبانيا وفرنسا والجزاير وغيرها،..
قرارات خاطئة بالجملة
تم قبل ذلك جاء القرار الكارثي من الناحية الاقتصادية، بوقف أعمال التنقيب والاستكشاف في حوض تاودوني الرسوبي،الذي يشكل نصف مساحة موريتانيا،والذي تدل أبحاث الخبراء الجيولوجيين،المؤشرات الهامة، التي حصلت عليها، شركة تكزاكو الآمريكية، سنة 1975،وكانت تلك الاكتشافات الواعدة من الأسباب الخفية لحرب الصحراء ،
ثم جاءت خصحصة الشركة الموريتانية للتزويد بالمشتقات البترولية،وبيع محطات الوقود العامة المملوكة للحكومة وتصفية وغلق شركة تكرير النفط أو: مصفاة نواذيبو الاستراتيجية، لتشكل أخطاء قاتلة، ونهبا لمال الشغب العام،وتفريطا في مقدرات البلاد، وتعريضها لأزمات طاقة، قد تشل لا قدر الله الاقتصاد، عند نشوب أزمات دولية،أوهيجان أمواج المحيط العاتية.
ثم تتالت الأخطاء والقرارات غير المدروسة، بعدم بناء مستوعات كبيرة، لتخزين الوقود، وهكذا ظلت قدرة التخزين متواضعة، ولا تزيد عن (300 ألف) طن،أغلبها لايزال يخزن في مستودعات "المرحومة مصفاة نواذيبو"، التي سيدت في السبعينيات،،وتقدر حاجة موريتانيا من المستقات النفطية بحوالي (مليون طن سنويا)،
ضرائب مباشرة باهظة، مرهقة يدخول المواطنين " المحدودة"
ولأن مفهوم الدولة غائب تماما، ومع غياب امتلاك الرؤية الشاملة، لمشاكل البلد فقد كررت حكومة عزيز، نفس الأخطاء التي انتهجتها حكومة ول الطائع من قبل، مع فارق التوفيت، وتضاعف مداخيل البلاد من قطاع التعدين، مع ارتفاع الطلب على الطاقة،إضافة إلى الخطأ الاقتصادي الفادح، بفرض صريبة مباشرة تصل 232 أوقية على كل ليار يباع من المازوت "كازوال"، وعدم وضع المبالغ الضخمة التي تم جمعها، والتي بلغ مجموعها (1.6 تريليون أوقية)، في صندوف مقاصة، لتلافي أأية صدمة، تحدث في أسواق الطاقة، في هذا العالم المتوتر، مثل ما حصل هذه السنة بسبب اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا!!!!
كما ظل الاعتماد على السوق السوداء والشركات الصغيرة، والسماسرة، بدلا من الاعتماد على دول شقيقة أو صديقة، هو القاعدة، وهو أمر غير استراتيجي، وقد يعرض البلاد لنقص في إمدادات الطاقة الضرورية، لكافة مجالات النشاط الاقتصادي.
ومع مجيئ حكومة الغزواني دق كثير من الخبراء ناقوس الخطر، مطالبين الحكومة بالبحث عن حلول جذرية لمشاكل الطاقة في موريتانيا، على المدى القريب والمتوسط والبعيد،
وقد قررت حكومة الغزواني يوم الجمعة زيادة أسعار الوقود ب:30%،، مما ضاعف أسعار النقل بين مقاطعات نواكشوط، وبين المدن،وسبب ارتفاع أسعار كافة المواد والخدمات المرتفعة أصلا، فموريتانيا منذ سنة 1985، تعاني من موحات غلاء دورية متكررة ومتلاحقة، زادت حدتها منذ سنة 2011، خاصة السنوات الخمس الأخيرة، بعد تخفيض سعر صرف العملة سنة2017،
حلول استراتيجية على المدى القريب والمتوسط والبعيد
ينصح الخبراء في شؤون الطاقة الحكومة الموريتانية بضرورة العمل، على تنفيذ الحلول التالية:
-- العدول تماما عن القرار الكارثي اللاقتصادي الأخير المدمر للقوة الشرائية المحدودة أصلا، لحوالي 95% من السكان الفقراء، الذين يعانون الأزمات المعيشية الخانقة "أو هي مش ناقصة" ، بزيادة أسعار الوقود بنسبة30%
- الاستثمار في التنقيب واستكشاف واستخراج مخزونات النفط والغاز في حوض تاودوني،فموريتانيا حباها الله، باحتياطات ضخمة من النفط والغاز، في هذ الحوض الرسوبي الهام،والذي كانت المؤشرات التي حصلت عليها شركة "تكزاكو" الآمريكية، في منتصف السبعينيات مشجعة، ولو استكشفت واستغلت تلك المخزونات وأحسن استغلالها، لأصبحت موريتانيا، في مصافي دول الخليج، من حيث وفرة السيولة،والإمكانيات البترودولارية.مع التركيز علر الشركات الآمريكية، والبريطانية، التي سبق أن قهرت الظروف الصحراوية والمناخية للربع الخالي، في الجزيرة العربية، وهي بيئة مماثلة تقريبا لبيئة حوض تاودوني، ومجاباته الكبرى.
- مواصلة الاسثمار والاستكشاف لحوض موريتانيا الرسوبي الغربي، ومواصلة استخراج إمكاناته من الغاز الطبيعي التي تناهز 100 تريليون قدم مكعب من الغاز، منها 20تريليون في الحوض المشترك مع السينغال، مع عقد اتفاقيات منصفة لموريتانيا، ليست مثل الاتفاقية الحالية، مع شركة أبريتش بتروليوم، التي نصيب موريتانيا منها 11% فقط.، و89% للشركة البريطانية "بريتش بتروليوم"، أو مثل "اتفاقية "ذهب تازيازت"، أو "بولي هولدينج" مضرب المثل في " الغبن الفاحش، (في اتفاقية تازيازت نصيب موريتانيا 3%، و97% لشركة تازيازت، وبولي هولدينج لها مالها)!!!!
- الإسراع في يناء مصافي لتكرير النفط، في نواكشوط، ونواذيبو، ونجاكو، لتكرير النفط المستورد أو المنتج محليا، مع بناء شبكة أنابيب تربط بين نواكشوط ونواذيبو، وكذ بناء أنابيب لنقل الغاز.
- عقد اتفاقيات للتزويد بالنفط مع دول الخليج أو نيجيريا، لتزويد موريتانيا بحاجياتها من المشتقات البترولية.
-ينبغي أن نتخلص تماما، من اتفاقيات مع الشركات الأجنبية، يفاوض عليها شخص واحد من الحكومة، أو من "المقربين"، بل يجب أن يكون وفد التفاوض ممثلا للحكومة والمعارضة الوطنية، والمجتمع المدني ، والسكان المحليين.لضمان تحصيل أكبر فائدة ممكنة، وحتى يستفيد جل السكان من اتفاقيات استغلال ثروات البللاد المعدنية..