أسئلة حائرة موجهة إلى "دفاع الطرف المدني"!
السؤال الثالث: حول بينة النقيب على فساد العشرية!
يقول أحد العقلاء:
القول دعوى. وفعل المرء بينة ** ولا سماع لدعوى دون بينة
وكم دعاوى على الإنسان هينة ** تطَلَّبَـت بينـــات غيرَ هينــة.
... فالبينة دائما هي مربط الفرس، وبيت القصيد!
مع ألأسف الشديد، لم يف النقيب بوعده إياي بتحييد وإبعاد هيئة المحامين ومنصب النقيب الذي تبوأه للتو آنذاك عن الصراعات والتجاذبات السياسية، عندما عرضت عليه قيادة هيئة الدفاع عن الرئيس السابق؛ بل زج بهما وبنفسه في أتون قضية سياسية مختلقة خاسرة. وأصبح - لأسباب معروفة- جزءا من الانقلاب على إرادة ومكاسب الشعب الموريتاني، وعراب استهداف الرئيس محمد ولد عبد العزيز، والمحرض والمتحامل الأول عليه بحقد الذي لا يترك تهمة ولا إساءة ولا قذفا بالباطل أو رجما بالغيب أو تهويلا أو تأويلا إلا ورماه به! كما عمل "مرشدا" ومستشارا "قانونيا" للخلية السياسية والأمنية التي تدير "ملف العشرية".. حتى قبل فتحه، وقبل تعهده فيه! وهذه نبذ موثقة من دعاويه وبيناته:
1. "الدولة الموريتانية تعتبر واستنتجت من عمل اللجنة البرلمانية أنها هي الضحية الحقيقية لكل الفساد الذي عم هذا البلد لمدة 10 سنوات وكانت نتائجه (الصحفي أنت حسب اطلاعك على الملف ما تقديرك لحجم الفساد في هذه المرحلة) ... أعتقد أنه آلاف المليارات (الصحفي آلاف المليارات؟) آلاف المليارات على أسوأ تقدير أنه آلاف المليارات.. جميع القطاعات: شركة سنيم، شركة سونلك، الميناء، الأراضي مدرسة الشرطة الملعب الأولمبي المدارس.. ناهيك ضخم ضخم استنزاف في الحقيقة بمعنى الكلمة! الدولة الموريتانية تعتبر أنها ضحية ابتزاز، نوع من نهب الأموال وقع في هذا البلد يكفي الرجوع إلى تقرير اللجنة البرلمانية وتقرير قضاة محكمة الحسابات لفهم ضخامة الضرر! كيف نقبل عمليات الفساد المعروفة؟ هذه العمليات إن كان الرئيس السابق له دور فعليه أن يرد ويتعاون حتى يبين أنه ليس مسؤولا. أنا هنا أطرح سؤالا بسيطا كيف نقبل أن رئيس وفي مؤتمر صحفي يقول إن راتبه لمدة عشر سنوات لم يأخذ منه مليما، وفي نفس الوقت يقول إنه ثري ونفس الرئيس السابق يرفض أن يقول مصدر هذه الثروة الهائلة التي يقول إنها لديه. فهذه من حق اللجنة البرلمانية ومن حق الضبطية العدلية أن تسأله عن هذه المسائل. كيف يفسر للقانونيين للحقوقيين للرأي العام أنه لمدة عشر سنوات لم يأخذ شيئا من راتبه وأنه ثري. من حق كل موريتاني أن يطلب أن يسأل هذا الرئيس السابق على أساس هذه التصريحات التي تشكل قرينة قائمة فعليه أن يرد على هذه القرائن المتوخاة من تصريحاته". (مقابلة مع قناة الوطنية بتاريخ 08 /10/ 020).
2. هذه القضية تتعلق أساسا برئيس سابق ووزراء معه ومدراء معه متهمين باتهامات من نوع بمنتهى الخطورة وامَّلِي لأول مرة "يخلگ ذا النوع" من الاتهام في المنطقة، منطقة غرب إفريقيا، ومنطقة العالم العربي.. عن رئيس دولة سابق "إعود" موضع متابعة بتهم التي من نوع استغلال النفوذ، الثراء الفاحش غير المبرر، تبييض الأموال، وجميع أشكال الرشوة... فعلى الناس أن تطرح أسئلة لماذا؟ فالثراء غير المبرر إثبات وجوده على المتهم، فهو الذي يجب أن يقول كيف حصل على الأموال. أنتم جميعا تعرفون أن الرئيس السابق قال لنا عند سفره إنه لا يملك من المال إلا قبعته! ثم قال لنا بعد ذلك في مؤتمر صحفي شهير أنه ثري وأنه لم يأخذ قط أوقية من راتبه. القانون أولا يمنع منعا مطلقا أن يمارس أي نشاط مهما كان هو طيلة مهمته. هذا نص دستوري. فرئيس الجمهورية "بيه ألِّي" مكفول الحاجة ومكفول كل شيء كي يتفرغ للشأن العام وتسيير مصالح الدولة. ومعنى هذا أنه لا يستطيع أن يمارس التجارة، ولا يمكن أن يحصل على شيء أيا كان إلا راتبه، أو تلك المؤونة المخصصة له. إذن اليوم يجب على الناس أن تعرف أنه ليس على سلطة الاتهام وليس على الطرف المدني أن يقولا الصفة التي أصبح بها هذا الرجل ثريا، بل هو الذي يقولها. إذن هنا تنعكس القاعدة. إنها ليست البينة على المدعي. هنا العكس، فالقانون صريح. فالقانون الصادر 2016 لمحاربة جميع أشكال الفساد هو هو الذي قال بصفة لا غبار عليها أن الرأي هو عَنْ الموظف العمومي هو الِّي ملزم يُثْبِت أموالُ اجبرها امن امنين! (وكالة الأخبار، مؤتمر صحفي بتاريخ 28 /01/ 022)!
3. "جميع المعلومات المتوفرة اليوم والتي وردت في قرار غرفة الاتهام، قرار الإحالة الذي تم تسريبه ونشرته جريدة الأخبار يتكلم عن مبالغ ضخمة حصل عليها هذا الشخص. فإما أن تكون كل هذه الأموال له، فالقانون المتعلق بمكافحة الفساد ألزمه بتبرير مصادر كل هذه الأموال. وإما أن تكون لغيره فهذا يسهل القضية. فقد وضعت اليد على هذه الأموال وتأخذها الخزانة العامة"! (مؤتمر صحفي بتاريخ 27 /6/ 022). انتهى الاستشهاد.
هذه هي التهم والبينات التي ساقها السيد النقيب في أهم مقابلاته ومؤتمراته الصحفية! فما ذا عن صحة ما ذهب إليه؟ ذلك ما سوف نعالجه تباعا فيما يلي:
* إن النص الأول من هذه النصوص كان بتاريخ 08 /10/ 020. ولم يكن يومها قد فتح ملف قضائي في هذه النازلة، ولا كان السيد النقيب قد تعهد فيها بعدُ! فتاريخ فتح الملف هو 11 /3/ 2021، وتاريخ تعهد النقيب هو 03 /5/ 2021! وبالتالي فإن جميع ما ورد في تلك المقابلة الشاملة الكاملة مع قناة الوطنية لا علاقة له بالقانون ولا بالقضاء والعدل؛ بل كان هدفه:
- رفد ودعم الحملة الإعلامية المنظمة من طرف السلطة؛ والرامية إلى تبرير الانقلاب على إرادة ومكاسب الشعب الموريتاني، وعلى عهد ولد عبد العزيز، وتشويه سمعته،
- إلغاء دستور وقوانين البلاد، وتسخير العدالة في خدمة خطة الانقلاب!
- الإشهار والترويج بغية جذب الزبناء؛ خرقا لمقتضيات المادة 54 من قانون المحاماة، التي تقول بالحرف الواحد: "لا يجوز للمحامي، سواء باشر المهنة انفراديا أو جماعيا، جذب الأشخاص بأي وسيلة من وسائل الإشهار أو الترويج أو السمسرة". والدولة شخص!
* أن ما ورد فيه من حديث عن "ضخامة الضرر" الناجم عن نهب العشرية وعن حجم الفساد والأضرار التي تكبدتها الدولة بسببه مختلق كله، ولا أساس له من الصحة، ولم يُقدم عليه مدعيه أي بينة. ولا علاقة له بملف القضية الذي لم يكن قد فتح بعدُ يومذاك، ولا بتقرير اللجنة البرلمانية الذي لا يتطرق إليه؛ والذي لا أظن أن النقيب قد اطلع عليه لحد الساعة، لصعوبة ذلك على غير مضطر (فالمَكْفِيُّ سعيد) ولكون التقرير لا يوجد في ملف القضية وليس وثيقة من وثائقه! وقد أشبعنا ذلك الادعاء بحثا وتمحيصا في مقالاتنا بعنوان "دفاعا عن الشرعية". ثم إنه لا يوجد عاقل يُصَدِّق أن مجرد سرد أسماء مؤسسات يشكل بينة على نهبها، أحرى أن يتهم به – إذا افترضنا وقوعه جدلا - من لا يوجد دليل على مسؤوليته عنه! وقد عاد النقيب نفسه في مؤتمره الصحفي بتاريخ 28 /01/ 022) ففند ما ادعاه آنفا فقال: الدولة الموريتانية تضررت؛ تضررت من استخدام اسمها، استخدام اسمها ليستغني منه آخرين أو آخر، وهذا يشكل ضررا "يَالَّ" تعوض عنه الدولة الموريتانية، لأن اسمها استخدم ليستغني منه شخص إضرارا بها، أولا إضرارا بالتسيير وإضرارا بسمعة الدولة. هذا ما جعل الدولة تبذل جهودها.. وتعرف أن تقدير الأضرار التي أصابتها صعب لأنها امتدت لأكثر من عشر سنوات!
فأين الضرر المعنوي المزعوم هنا، الناجم عن دعوى استخدام وهمي لاسم الدولة يصعب تقديره باعتراف مدعيه، من "آلاف المليارات على أسوأ تقدير"؟! والأدهى من ذلك وأمر هو أن نقيب المحامين رئيس هيئة دفاع الدولة تقدم بعريضة إلى فريق تحقيق الدولة بتاريخ 30 مايو 2022 يطلب فيها "الأخذ في الاعتبار حجم الأضرار التي تعرضت لها الدولة الموريتانية. والتي يقدرها دفاع الدولة (على حد تعبيره) في هذه العريضة بصفة أولية ومؤقتة بأن حجم هذه الأضرار التي لحقت بالدولة الموريتانية جراء الوقائع محل المتابعة هو 20 مليار أوقية جديدة"! (أمر الإحالة ص 6 الفقرة قبل الأخيرة) فأين 20 مليارا سواء أكانت قديمة أو جديدة من "آلاف المليارات على أسوأ تقدير"؟! أولا يعتبر ذلك تفريطا متعمدا في أموال الشعب المنهوبة؟! إنهم يسخرون ويضحكون على عقول الشعب الموريتاني، ولسان حاله يقول: {إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون}!
* إن نقيب المحامين، رئيس دفاع الدولة، لم يقدم في جميع مقابلاته ومؤتمراته الصحفية إلى يومنا هذا، بينة على وجود فساد في تسيير العشرية، ولم يأت بعلاقة سببية بين ذلك الفساد المزعوم الذي يدعيه وبين الرئيس السابق! ولما أعجزته البينة وأعجزت النيابة العامة وفريق تحقيقهما راغ في مؤتمره الصحفي المذكور إلى: "إذن اليوم يجب على الناس أن تعرف أنه ليس على سلطة الاتهام وليس على الطرف المدني أن يقولا الصفة التي أصبح بها هذا الرجل ثريا، بل هو الذي يقولها. إذن هنا تنعكس القاعدة. إنها ليست البينة على المدعي. هنا العكس" أي البينة على المدعى عليه! عازيا ذلك إلى قانون مكافحة الفساد الموريتاني، والاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد!
* ... تبقى "قرينة غنى الرئيس السابق" التي يتشبث بها النقيب، تشبث الغريق!
- تشبث بها في مقابلته مع الوطنية في 08 /10/ 020 فالتمسنا له العذر لحداثة عهده بملف افتراضي لم يولد بعدُ، وليس متعهدا فيه.. وقلنا: لعل وعسى..
- وتشبث بها في مؤتمره الصحفي بتاريخ 28 /01/ 022) فعذرناه حين تعلل بحرمة الخوض في أسرار التحقيق!
- وانتهى التحقيق وسرب مضمونه الصاعق، فظلت الأسطوانة المشروخة تدور.. لم تتغير "حججه القوية" ولم تتسنه كطعام عزير: "مبالغ ضخمة حصل عليها هذا الشخص. فإما أن تكون كل هذه الأموال له، فالقانون المتعلق بمكافحة الفساد ألزمه بتبرير مصادر كل هذه الأموال"! أين ما كشف عنه تحقيقكم الشامل الكامل الذي مسح الأرض والسماء في الداخل والخارج؟ أم إنه لم يكشف عن بينة تسعفكم فظلتم تتشبثون بـ"قرينة الغنى" ووهم وقوع عبء البينة على المتهَم؟ أليست نهاية مذلة، وإفلاسا مدويا لدعوى "فساد العشرية" الباطلة؟!
يتبع