حالة من الوجوم وعدم الارتياح تعلو وجوه الباعة وحتى المتسوقين في واحد من أكبر أسواق الخضروات في نواكشوط وذلك بعد أسابيع قليلة من زيادة أسعار المحروقات، ليس الغلاء وحده مصدر الضيق والتذمر، ولا حالة الركود والكساد التي تلقي بظلالها الكئيبة في مختلف أرجاء ومعروضات السوق، بل إن مصدر الشكوى ومبعث التذمر هذه المرة أكوام النفايات والأوساخ التي أصبحت تحتل مساحات شاسعة من السوق.
سلع غير مصنفة
في الجزء المخصص للخضروات تنزل الشاحنات المغربية حمولتها من الخضروات الطازجة والتي لا زالت تحتفظ بنفس أسعارها ما قبل زيادة المحروقات لكن انتهازية ومضاربة التجار والباعة تضاعف أسعارها إلى مستويات فلكية يعلق أحد المسوقين فكلغ الجزر مثلا الذي يباع ب170أوقية يتجاوز سعره في ظل المضاربات حدود 400أوقية، وهو ما ينطبق على باقي الخضروات سواء المستورد منها أو المحلي.
لكن فارق الشراء من السوق لم يعد له أي أثر بعد الزيادة في أسعار المحروقات كما تحدث أحد سكان توجنين للموقع مما أدى لحالة الركود والتراجع التي تعيشها الأسواق..
غلاء وتلوث
أحد المتسوقين يعد لخروج من نواكشوط لقضاء العطلة صرح للموقع إن حركة بيع وشراء المواد الاستهلاكية والخضروات والتي ترتبط عادة بهذا الموسم لم تنقذ أسواق المواد الغذائية من حالة الكساد التي تجتاحها منذ سنوات..
إلى وقت قريب كانت سوق المغرب مقصد الباحثين عن الفواكه المستوردة والتمور المحلية والخضروات الرخيصة أما اليوم فقد تحولت على سوق غير مصنفة اختلط فيها الحابل بالنابل، فالتمور لم تعد تحتل سوى حيز ضيق منها، وكذا الفواكه في الوقت الذي تمددت فيه محالات وطاولات عرض الخضروات من مختلف الأنواع والوجهات لكن يظل المغرب والسنغال أبرز مصدرين لهذه السلع غير القابلة للادخار، مما يجعل اسعارها تستعصي على الضبط والثبات يعلق أحد الباعة فضل عدم الإفصاح عن هويته.
الأبقار السائبة وعربات النقل اليدوية تملأ أرجاء السوق في مشهد اعتيادي يحيل إلى البدايات الأولى لتأسيس العاصمة، وإن كان حضور عربات الدفع اليدوي له ما يبره في ظل زيادة أسعار المحروقات إلا أن كثرة الدواب السائمة التي تسرح وتمرح في جنبات السوق يصعب تبريره إلا بالبحث في أكوام النفايات المنتشرة أو بسبب غلاء الأعلاف كما يشرح أحد المتسوقين.
سوق موازية
في أرجاء المكان أخذت تتشكل أسواق التدوير أو المستعمل والتي صبحت الوجهة الأولى للمكتوين بنار الغلاء والذين لا يجدون غير التسكع في جنباتها بحثا عن سلع أرخص، فأكوام الخضروات شبه التالفة، والفواكه غير الناضجة، وعلب البلاستيك الفارغة وحتى الحبال وبراميل الحديد المهترئة والمستخدمة بشكل واسع كأوان لتوزيع الأعلاف، وحاويات المياه المستهلكة، معروضات حاضرة بقوة في هذه الأسواق..
أحد الباعة قال إن معروضات السوق تجد إقبالا في مواسم العطل عندما يحرص الخارجون من العاصمة على شراء احتياجاتهم من الأواني والحبال والأدوات المنزلية من هذه السوق، لكن يبقى أصحاب المطاعم هم رواد سوق الخضروات الرخيصة، ومعلبات مقبلات الأطعمة بما فيها الكاتشب والميونيز...
متسوق آخر يقول إن ثقافة المستعمل تغزو العادات الاستهلاكية للموريتانيين يوما بعد آخر بسبب تفاقم الغلاء، وتردي الجودة، وغياب الرقابة على الأسواق، وذلك رغم المخاطر الصحية والبيئة المرتبطة بانتشار مثل هذه الأسواق.