موريتانيا بين فقر النخبة والإقلاع / المعلوم أوبك

ما يغيب عن ذهن العديد من الموريتانيين، أن النخب في النهاية هي التي تصنع بؤس أو مجد الأمم، فإذا كانت هنالك دولة فاشلة طاردة فهي دولة بلا عقل بلا رؤية بلا إرادة وبالتالي بلا نخبة ،فكلما كانت النخب فقيرة ، الفقر المتمثل في الطمع والجبن، وفقدان الإرادة فإنها تبدد أكبر الثروات، ، وتفسد ما تصنعه الشعوب ولا تطوره أو تجعل حتى منه قوة ، وإذا كانت هنالك دولة صاعدة فلأن نخبة تلك الدولة على قدر كبير من الأرجحية والنضج والتفكير الحر ، وقادرة على أن تصنع من  بلدها الفقير  أكبر البلدان غنى وقوة، فهل الفقير موريتانيا، أم النخب هي الفقيرة ؟

حياتنا اليوم بموريتانيا شبيهة بالفوضى العارمة على جميع الأصعدة بسبب التغيب المتعمد للنخبة عن إدارة دفة البلد، بفعل فواعل القبلية والجهوية ، ومنح المناصب على أسس تفتقر لمعايير الكفاءة والتخصص، حتى أصبح من يرسم مستقبل البلد واستراتيجياته أشباه مثقفين وأميين ،ولعل القاعدة الأغرب التي نعيشها موريتانيا أنها أرض غنية بنخبة  فقيرة بلا رؤية، فالدولة التي لا تتولى النخب القديرة إدارتها هي دولة تتخبط خبط عشواء تعيش بالغرائز البسيطة والاندفاع والتهور والإشباع والتجويع والتعصب والكراهية، هي دولة جامدة وراكدة لا تصنع مستقبلا بسبب إبعاد النخبة عن إدارة البلد في مختلف مستوياته، ففقر موريتانيا الحقيقي هو فقر النخبة الذي يتجسد في فقدان الإرادة وتخلف الإدارة ، فحينما تكون الإدارة متعبة ومثقلة تصبح الإرادة ضعيفة ومتهلهلة ، وبالتالي يصبح البلد برمته طاردا وسجنا رهيبا وفقيرا.

إن ما نعيشه في موريتانيا من تخبط يعود بالأساس لغياب الرؤية ، وما ينقص موريتانيا من استقلالها لحد اليوم غياب رؤية استراتيجية واضحة في مختلف المجالات والقطاعات الرئيسية ، فلم نتعلم  في موريتانيا كيف نعمل؟ ، لكي نتعلم! ، وهذا هو غياب الرؤية وهذا هو الفقر ، فما من خطة إلا وتستند إلى رؤية يتقابل فيها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ويتعانق فيها التاريخ والجغرافيا وتتلاقح فيه الرؤى لتشكل استراتيجية عامة، ولا يمكن إحداث إقلاع إلا حينما نمتلك الرؤية لنصنع الثروة ونتحرر من الفقر، فبدون رؤية مستقبلية لموريتانيا لا تنتظروا أي خلاص لهذا البلد مما هو فيه.

تأسيسا على ما سبق على رئيس الجمهورية أن يعي بعد انقضاء 3 سنوات من حكمه أنه لا توجد رؤية بلا زمن، ولا يوجد إقلاع بدون زمن، لأن أي رؤية محكومة بالزمن والمكان والإنسان، ومن يتصور أنه يمكن الإقلاع بنا نحو موريتانيا أخرى حتى ولو امتلكنا الغاز والفحم والبترول بدون رؤية مستقبلية فترتها الزمنية ما بين 20 و30 سنة، واهم أولا يعرف شيئا فيما يتحدث عنه خاصة وأن هنالك فرق كبير بين من يصل لحكم بلد ويمضي 5 إلى 10 سنوات يحصل فيها قروض من البنوك الدولية، وبين من يريد صناعة بلد من خلال رؤية مستقبلية.