كشف خبيران، السر وراء فشل صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا، التي كان من المتوقع إتمامها خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، التي انتهت أمس السبت 27 أغسطس/آب 2022.
وقال خبير الاقتصاد الجزائري الدكتور مراد كواشي، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، إن الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إلى الجزائر، التي تعدّ طويلة نوعًا، إذ استغرقت 3 أيام، جاءت بعد حالة من الفتور السياسي بين البلدين، وكان الهدف منها إذابة الجليد في العلاقات الاقتصادية والسياسية.
وأضاف: "بالنظر إلى زيارة الرئيس ماكرون، والوفد رفيع المستوى الذي جاء معه، ومدتها الطويلة، نجد أنها من الناحية الاقتصادية كانت دون المستوى المطلوب، إذ لم تحقق الكثير، خاصة فيما يتعلق بتصدير الغاز الجزائري إلى فرنسا".
من جهته، علّق مدير صحيفة المستثمر الجزائرية، يعقوب حاج جيلاني، على فشل صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا، قائلًا، إن ماكرون فشل في العودة باتفاقية واضحة المعالم لرفع حجم الغاز الذي تمنحه الجزائر إلى بلاده.
أسباب فشل صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا
قال مدير تحرير صحيفة المستثمر، في تصريحات إلى منصة الطاقة: "في رأيي، يعود الأمر لسببين، الأول هو أن كميات الغاز الجزائري المتوفرة للتصدير حصلت عليها إيطاليا، التي ستتكفل بعملية توزيعها على أوروبا، والثاني هو سعر الغاز، الذي حاول الفرنسيون الحصول عليه بسعر تفضيلي".
وشدد حاج جيلاني على أنه في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الغاز العالمية حاليًا، ومحاولة الفرنسيين الحصول على الغاز بسعر أقلّ، فقد فشلت صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا، وقوبل الطلب الفرنسي بالرفض.
ويرى حاج جيلاني أن زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، كانت "إعادة ربط الاتصال" وإذابة الجليد بين البلدين، موضحًا أن ماكرون سعى إلى تصحيح الخطأ الذي ارتكبه بصفته مرشحًا رئاسيًا، والذي كانت ردة فعل الجزائر تجاهه حازمة.
وأضاف: "بالعودة لغياب الجانب الاقتصادي، أحسَّ الفرنسيون بأن الأمور قد سُحبت منهم، فيما يتعلق بالجزائر، خاصة أن الدولة الجزائرية -تحت توجيهات الرئيس عبدالمجيد تبون- عملت خلال الـ3 سنوات الأخيرة على تنويع المصادر والشراكات الاقتصادية، ما أدى إلى تحرر الاقتصاد الجزائري من التبعية السابقة لفرنسا".
وأوضح أن الفرنسيين، بتركيزهم على المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، عبر الاتفاق على إنشاء حاضنة مؤسسات ناشئة مشتركة بين البلدين، وكذلك فتح مدرسة تقنية في الجزائر، يحاولون الإثبات للجانب الجزائري أنهم يمكنهم القيام بدور فعال، والإسهام في العملية الإنتاجية للاقتصاد الجزائري.
شروط عودة العلاقات بين الجزائر وفرنسا
قال الخبير الاقتصادي مراد كواشي، إن الجزائر -حكومة وشعبًا- يدركون أنه لا يمكن إقامة علاقات مع باريس، سواء في مجال الطاقة أو المجالات الأخرى، إلّا بعدما تقدّم فرنسا خطوات مهمة في ملف الاعتراف بجرائمها في الجزائر.
بالإضافة إلى ذلك، وفق كواشي، يجب على فرنسا تقديم تعويضات للجزائريين ممن تضرروا من الحرب بين البلدين، لافتًا إلى أن هذه النقاط هي عقدة العلاقات بين الجزائر وفرنسا حاليًا، ولا يمكن تطوير أيّ توافق اقتصادي دون حسم هذه الأمور.
ولفت إلى أن الجزائر تحظى باستقرار مالي واقتصادي كبير حاليًا، بالإضافة إلى قوة في مجال النفط والمحروقات، مشيرًا إلى الاكتشاف النفطي الجديد الذي حققته البلاد منذ أيام، والذي رفع عدد الاكتشافات خلال العام الجاري 2022 إلى 8 اكتشافات نفطية وغازية.
وأوضح كواشي أن الجزائر أصبحت الدولة الأولى عالميًا خلال العام الجاري (2022) من حيث عدد الاكتشافات في مجال النفط والغاز الطبيعي، كما أصبحت شركة سوناطراك الحكومية أكبر شركة أفريقية في مجال الطاقة، وهي من أكبر الشركات العالمية أيضًا.
وأشار إلى أن إنتاج الشركة الحكومية الجزائرية من الغاز الطبيعي بلغ 123 مليار متر مكعب في العام الماضي (2021)، وهو رقم قياسي، في حين بلغت الكميات المصدّرة للخارج منه نحو 54 مليار متر مكعب، ومن المحتمل أن تصل إلى 60 مليار متر مكعب بنهاية العام الحالي 2022.
جاء فشل صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا، وفق الخبير الاقتصادي مراد كواشي، ضمن أزمة العلاقات بين البلدين، على الرغم من أن الجزائر تمدّ أوروبا بنحو 12% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، من خلال أنبوبين، بحجم صادرات يصل إلى 40 مليار متر مكعب يوميًا، بالإضافة إلى الغاز المسال.
وأشار الخبير الجزائري إلى أن بلاده هي أكبر مصدّري الغاز في أفريقيا، وتحتلّ المركز السابع عالميًا، كما أنها ثالث مصدّري الغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد كل من روسيا والنرويج، وفق ما صرّح به لمنصة الطاقة المتخصصة.
تراجع دور فرنسا اقتصاديًا في الجزائر
قال الخبير مراد كواشي، في تصريحاته إلى منصة الطاقة، إن كلًا من إيطاليا وإسبانيا والصين وتركيا سحبت البساط من تحت أقدام باريس، بالنسبة للعلاقات الاقتصادية والسياسية مع الجزائر، خلال السنوات الـ3 الأخيرة.
وأوضح أن هذا الفتور -الذي أدى في النهاية إلى فشل صفقة الغاز الجزائري إلى فرنسا- كان سببه التصريحات المستفزة وغير اللائقة التي كان القادة الفرنسيون يُلقون بها في كل مرة، إذ إنهم دائمًا ما يشككون في الهوية الجزائرية، مثلما حدث العام الماضي، عندما شكّك ماكرون في التاريخ الجزائري، الأمر الذي استفزّ السلطة والشعب في الجزائر.
وأضاف: "من أهم مظاهر الفتور الاقتصادي بين البلدين أن المورّدين الرئيسيين للجزائر، هم الصين بنسبة 16.5%، ثم فرنسا بأقلّ من نصف هذه النسبة، بنحو 7% من السوق الجزائرية، بينما أهم مستقبلي صادرات الجزائر، تتقدمهم إيطاليا بنحو 22%، ثم إسبانيا بنسبة 12%، وتراجعت فرنسا للمركز الثالث بنسبة 9.94%".
نقلا عن منصة الطاقة (الطاقة نت)