لم يعد تهور سائقي شركة "سونيف" من الأمور التي يمكن السكوت عنها، ولم يعد يحق لنا نحن في حملة "معا للحد من حوادث السير"، وبعد أن تحملنا طواعية مسؤولية التوعية في مجال السلامة الطرقية، أن نسكت عن تهور سائقي هذه الشركة، والذي كثيرا ما تسبب في وقوع حوادث سير خلفت العديد من القتلى والجرحى، وكان آخر تلك الحوادث الحادث الأليم الذي وقع صباح يوم الثلاثاء الموافق 30 أغسطس 2022، والذي تسبب في وفاة ثلاثة ركاب وإصابة آخرين بجروح.
كان سبب الحادث هو تهور سائق الحافلة، وهذا ما أكده "محمدو ولد القاسم" شفاه الله، وهو أحد الركاب المصابين في الحادث. يقول "محمدو ولد القاسم" عن سبب الحادث في منشور له على حسابه في الفيسبوك، إن السائق : " كان يسير بسرعة 150 كلم/ للساعة أثناء هطول المطر ولم يعر أي اهتمام لطلبات الركاب بضرورة توخي الحذر"!
كثيرة هي الشهادات التي ينقلها لنا سالكو طرقنا الوطنية عن تهور سائقي شركة "سونيف"، وعن السرعة المفرطة التي يقودون بها حافلات الشركة، والتي كثيرا ما تتسبب في حوادث سير قد تكون مميتة في بعض الأحيان.
إن استمرار تهور سائقي هذه الشركة لم يعد مقبولا، ولم يعد السكوت عنه ممكنا، خاصة من طرف حملة توعوية تعنى بالسلامة الطرقية.
أذكر أنه بعد الحادث الأليم الذي تعرضت له إحدى حافلات الشركة بسبب السرعة المفرطة، والذي وقع قرب "أغشوركيت" في يوم 11 نوفمبر 2018، وأدى إلى وفاة 11 راكبا بشكل فوري، أذكر أننا بعد ذلك الحادث قررنا في الحملة أن ننظم زيارات ميدانية لشركات النقل لمطالبتها بوضع مثبتات السرعة في حافلاتها، أو بوضع نظام مراقبة صارم لسائقيها، وقد افتتحنا تلك الزيارات بزيارة في يوم 13 نوفمبر 2018 لمقر شركة "سونيف" بالعاصمة نواكشوط، والتقينا بإدارتها، والتي وعدتنا حينها بأنها ستتخذ إجراءات صارمة ضد السرعة المفرطة، وهو الشيء الذي لم يحصل حتى الآن.
ولأن الشركة لم تتخذ تلك الإجراءات، ولأن الحوادث المميتة الناتجة عن تهور سائقي هذه الشركة لم تتوقف، لكل ذلك فقد بدأنا في الحملة نفكر بشكل جدي في تنظيم أنشطة لتحذير المسافرين من السفر في حافلات هذه الشركة.
لم نكن نرغب في الحملة أن ننظم أي أنشطة ضد أي شركة نقل، ولم نكن نسعى لأن ننظم أنشطة يمكن أن تخدم تجاريا هذا الطرف أو ذاك، ونتمنى أن لا يحدث ذلك مطلقا، ولكن إذا لم تتخذ شركة "سونيف" إجراءات صارمة وعاجلة لوقف تهور سائقيها، فإننا سنضطر لتنظيم تلك الأنشطة، فاستمرار تهور سائقي هذه الشركة أصبح يشكل خطرا على أرواح المسافرين عبر حافلات هذه الشركة، بل أصبح يشكل خطرا على كل سالكي الطرق، فكثيرا ما يجد بعض السائقين أنفسهم في خطر بسبب تهور سائقي هذه الشركة.
ليست لدينا أي مشكلة مع شركة "سونيف"، ونحن نعترف لها بأنها ظلت توفر النقل بشكل منتظم على محور طريق الأمل، وذلك في وقت توقفت فيه بعض الشركات عن النقل على هذا المحور بسبب تهالك بعض مقاطعه، وما يتسبب فيه ذلك من خسائر فادحة لحافلات النقل ولغيرها من السيارات.
ليست لدينا أي رغبة في القيام بأنشطة قد يستفيد منها منافسو هذه الشركة، ولكن إذا لم تتخذ الشركة إجراءات صارمة وعاجلة لوقف تهور سائقيها فسنضطر إلى التحرك حماية للأنفس.
يبقى أن أقول بأن هذا الحادث الأليم وقع على مقطع غير متهالك من الطريق، وحديث الترميم، وكثير من الحوادث المميتة التي نظمنا في الحملة زيارة ميدانية لمواقعها كانت في مواقع غير متهالكة من الطرق مما يعني أن تهور السائقين هو السبب الأول في الحوادث في موريتانيا.
صحيحٌ أن تهالك الطرق يتسبب في الكثير من الخسائر المادية، ويزيد من عناء المسافرين، ويتسبب كذلك في نسبة معتبرة من الحوادث، وترميم الطرق المتهالكة على رأس عريضتنا المطلبية في الحملة، ولكن كل ذلك لن يجعلنا نتجاهل حقيقة مفادها أن السبب الأول في حوادث السير في بلادنا هو تهور السائقين، ومن هنا وجب اتخاذ إجراءات صارمة من طرف السلطات الإدارية والأمنية المعنية بالسلامة الطرقية لوقف تهور سائقي شركة "سونيف". كما وجب علينا نحن كفاعلين جمعويين في حملة "معا للحد من حوادث السير" أن نقوم بما كل ما هو متاح لوقف تهور سائقي هذه الشركة.
هذا المقال يحل محل إنذار للشركة، وقد أعذر من أنذر.
حفظ الله موريتانيا...