جائحة كوفيد19 تفاقم ظاهرة التسرب المدرسي 

فضلا عن كون التسرب المدرسي ظاهرة منتشرة، لا تخلو منها دولة، ولا ينجو منها نظام تربوي، فإن جائحة كوفيد 19 فاقمت من هذه الظاهرة بفعل الوضع الاقتصادي الصعب الذي فرضته، خاصة على أسر الفقيرة، والتي عادة ما يكون قصارى حلمها إلحاق أطفالها بالتعليم العمومي.

محمدن عبد القادر (مدرس) أكد أن ظروف الجائحة فرضت حالة اقتصادية صعبة على وكلاء التلاميذ، وألجأت أبناءهم، في أحسن الأحوال إلى التأخر عن بعض حصصهم الدراسية، وفي أسوئها، إلى التسرب النهائي من المدرسة، بدافع مساعدة أسرهم في تخطي حالتهم الاقتصادية الصعبة في ظل كوفيد19.

ويضيف ولد عبد القادر "هناك أسباب أخرى تشجع على التسرب المدرسي، أبرزها انتشار ظاهرة عمالة الأطفال، أي توجههم مبكرا إلى العمل، بدلا عن مقاعد الدراسة، نتيجة لسوء الوضع الاقتصادي لأسرة، وانعدام برامج حكومية فعالة موجهة للحد من التسرب المدرسي، تستهدف الأسر والطفل (المتمدرس).

غير أن جائحة كوفيد19 -يضيف ولد عبد القادر- فاقمت ظاهرة التسرب المدرسي، بفعل ارتباطه بالتدهور الاقتصادي للأسرة وحتى في كونه أدى في بعض الاوقات إلى جر الحكومات إلى قرارات صعبة تتعلق بإغلاق المدارس في وجه المتمدرسين، ما شجع على التسرب المدرسي.

من جهته وافق المدرس عمر ولد محمد، زميله محمدن ولد عبد القادر في كون جائحة كوفيد فاقمت من ظاهرة التسرب المدرسي مشيرا إلى ما وصفها بصعوبات واجهها الأطفال في ولوجهم إلى التعلم في ظل الجائحة تتعلق بعدم توفر بنية رقمية تمكن من الاستفادة من التعليم عن بعد من خلال منصات رقمية، وكذلك ظروف الفقر التي تحول دون تمدرس الأطفال.

وغير بعيد من الأسباب السابقة، يروي جبريل ولد همر قصة تسرب ابنه من المدرسة قائلا "يذهب يوميا مع أقرانه من أبناء حيه إلى المدرسة، وكنت بالكاد أوفر له احتياجاته الأساسية، في المدرسة، وحينما ينزل الثانية ظهرا يأخذ قسطا من الراحة، ويتناول وجبة الغداء ليبدأ مساء رحلة البحث مع العمل لمساعدتنا نفقات الأسرة".

يضيف ولد همر "كنت أرى الأمر مرهقا لطفل يتابع سنته الأولى في الإعدادية، لكن ظروفنا الاقتصادية هي التي حتمت عليه ذلك".

يعمل ولد همر حارس لمنشأة خصوصية، في وسط العاصمة، بدوام ثمان ساعات نهارا، ويستغل وقت الحراسة لبيع بطاقات الرصيد والسجائر، لرواد المؤسسة، وبعض المارة، فضلا عن أطفال الجيران الذين يبيعهم بعض الحلوى".

يقول ولد همر "أثرت جائحة كورونا على دخلي، وتأثر وضعنا الاقتصادي الهش أصلا، فيما انعدم دخل الابن بفعل الاجراءات الاحترازية، فقاده ذلك إلى هجر فصله الدراسي، تكرر إغلاقه في وجهه مرات عديدة، بقرارات رسمية، في ظروف زمنية مختلفة، ضمن إجراءات احترازية أخذت بها جميع الحكومات في العالم".

ويؤكد همر "في ظل ما سبق، وما يذكيه من ضعف الاجراءات الحكومية الموجهة للتخفيف من آثار الجائحة، تسرب ابني من المدرسة لمساعدة أسرته على تخطي الوضع الاقتصادي الصعب الذي خلفته الجائحة.

قصة تسرب بلال من المدرسة تجيب بشكل لا مراء فيه على السؤال الذي يُطرح بإلحاح، إلى أي مدى فاقمت جائحة كورونا ظاهرة التسرب المدرسي.

وتُشير إحصائيات للبنك الدولي إلى أن 24% من الأطفال الموريتانين، يتسربون دراسيا، وفي بعض الأحيان لا يلتحقون بالمدرسة أصلا، في وقت يتضاءل فيه الانفاق الحكومي على التعليم في البلد، بحيث لا يكاد يتجاوز 1‎%‎ من الناتج المحلي.

الشيخ داداه آباه -

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHD\JHR- صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.