تشهد موريتانيا عموما، ومدينة نواكشوط خصوصا،ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة مع مطلع شهر سبتمبر، بسبب صراع الجبهات الهوائية، وتأثير التيار الشمالي الصحراوي الجاف الذي يحد من تأثير التيار الغربي البارد، الذي يلطف عادة السواحل الموريتانية، كما يحد التيار الشمالي الجاف، من تأثير التيار الجنوبي الجالب للسحب والأمطار،وعادة ما ترتفع الحرارة في هذا الموسم الذي يعرف عند الموريتانيين ب " تودي".
وتتزامن موجات الحر في نواكشوط، مع انقطاعات دورية في المياه، رغم أن المدينة تحصل يوميا على 141 ألف متر مكعب، حسب وزارة المياه، عبر أنابيب مياه نهر السينغال،ومن أنابيب حقول "إديني" من بحيرة ترارزه،وكثيرا ما اشتكى المواطنون المستهلكون من رداءة خدمات الشركة الوطنية للمياه "SNDE"من حيث شبكات التوزيع التي تعاني من التسرب، بما يقارب ال 40% حسب اعتراف الوزير أمام الجمعية الوطنية.
انقطاعات في الكهرباء... وأخطاء فنية بالجملة
كما تتزامن موجات الحر مع انقطاعات في الكهرباء، رغم توفر أكثر من 300 ميجاوات من الإنتاج الكهربائي، كان يمكن أن تسد نظريا حاجة مستهلكي نواكشوط،كما يشكو المستهلكون من سوء خدمات شركة "صوملك"، وفواتيرها التقديرية، مع كثرة الرسوم المفروضة،وارتفاع أسعار الكهرباء، وعدم التعامل الجاد مع مشاكل المواطنين المستهلكين،ناهيك عن الأخطاء الفنية الخطيرة، بعدم وضع العوازل على أعمدة الشبكة، ما أدى إلى اشتعال أعمدة في مناطق مختلفة من المدينة،وانقطاع الكهرباء عن العديد من المنازل، كذلك مرور خطوط الحهد العالي والمتوسط من الأحياء السكنية، أو على مقربة منها،
فالكهرباء عصب الحياة، لكنها في زمن الحر، تصبح هي التي توفر جميع وسائل تلطيف الجو وتبريد المياه،بدونها ترتفع الحرارة داخل المنازل،مما يساعد على هجمات أسراب البعوض.
فالماء والدواء والهواء مرتبط بالكهرباء وبانقطاعه في هذه الفترة الساخنة من السنة تتأثر الأجهزة الكهربائية وتصاب بالأعطاب والتلف، وتتعفن المواد الغذائية والدوائية، ورغم كل هذا فإكأن شيئا لم يقع.
وتزداد الأمور سوءا إذا علمنا أن الماء مرتبط بتوفر الكهرباء، مما يزيد من معاناة الناس بشكل مزدوج، فمن جهة يفتقدون الماء مع أول انقطاع للكهرباء، ومن جهة فإن تكاليف سحبه تزيد من استهلاك الكهرباء الغالية السعر المسورة بالضرائب والرسوم الباهظة.
وأغلب الإدارات والمؤسسات الحكومية مرتبطة بالكهرباء لذلك يصبح المواطن ضحية لانقطاع الكهرباء، وقد يجلس الوائع ذات العدد انتظارا لعودته.
أسراب البعوض المنتشر
تعاني العاصمة من كثرة وشراسة الباعوض، وضعف الناموسيات تجاهه، وقد تعززت هذه الشراسة والكثرة والانتشار بسبب ارتفاع الحرارة وكثرة البرك والمستنقات الناتجة عن عدم وجود نظام للصرف الصحي، وانتشار القمامات المنزلية وضعف وسائل النظافة، وضعف وسائل مكافحة ورش أسراب الباعوض، مما يجعله يحول العاصة إلى جحيم، ومن حباهم الله بسطة في الرزق وحصلوا على مكيفات فإن انقطاع الكهرباء يجلب لهم الألم مضاعفا.
تحتاج العاصمة لخدمات لكن الكهرباء يقف عائقا أمام أي تطور مادام بهذه الوضعية الحزينة، ولا يعني ذلك أن الجهات الأخرى تقوم بواجباتها على الوجه المرضي، وإنما يعني أن كل الخدمات والاستثمارات لن يكون لها أثر مادامت الكهرباء بهذا المستوى من التردي.