أصبحت الانتقادات الموجهة للتعليم بوجه عام ، ومقارباته "البيداغوجية" والإمكانات البشرية والمادية واللوجستية ، والعلمية ، حديثا معادا لاكته الألسن وتناقله الأجيال.
وسبق لي شخصيا الكتابة حول القانون التوجيهي .
إلا أن تأجيل يومه المفتوح الذي كان مزمعا من طرف رئيس الجمهورية من جهة ، وهذا التعديل المفاجئ من جهة أخرى أعطيا صورة قاتمة عما يدور في القطاع وغيره ..
فما أهم العوائق في القطاع ؟
وأي حلول يستطيع وزير واحد تقديمها؟
نستعرض ما أمكننا اختزاله من صعوبات في الموضوع ثم نرى هل يبرر ذلك استقالة وزير ؟
سواء اعتبرنا أنه قد أقيل هذا الوزير أو استقال _ وبغض النظر عن كون التعديل شمله وغيره _ فإننا نتحقق من مشكلات ليس بإمكان الوزير حلها في آخر مأمورية رئيسه .
وتتنوع هذه المشكلات بتنوع ميادين التعليم وحسب سنواته " وإصلاحاته" ، وإمكاناته المادية والبشرية ، والعلمية وأدواته ، وبناه التحتية .
ومن هذه المشكلات تمثيلا لا حصرا ما يلي :
*= اليوم المفتوح المؤجل : كنا بحاجة لمعرفة تصور الجهات المعنية للحلول المقترحة فلا شك ان خطاب رئيس الجمهورية _ بتقدير إلقائه _ كان سوف يكون مرجعية في تعهداته
ولذلك كان تأجيله لأسباب خفية يتضح منه صعوبة الموقف .
*= تعديلان وزاريان في أقل من شهر ، وقبل الافتتاح المدرسي .
*= اعتماد عدة مقاربات وإصلاحات وأيام تشاورية في مامورية واحدة للرئيس .
وطباعة مجزأة للمناهج ناسخة لكتب قبلها لم تعط أصلا فرصة لتطبع ويسترشد بها أهل الميدان _ تلاميذ ومدرسين _ لينتفعوا بها تراكميا ومقارنة بالبديل الجديد .
*= حصر السنة الأولى ابتدائية في المدارس العمومية _ وأنا مع احتكار الدولة للتعليم بناء على توحيد مورد الشعب الفكري دون التعليم الحر_ غير أن البنى التحتية والكوادر البشرية غير مستوعبة لجميع التلاميذ في الوطن .
وللتغلب على ذلك كان ينبغي افتتاح مدارس مؤقتة إما بالبناء السريع وإما بالإيجار ، وإما بالإعارة
كما أن التعليم الحر سوف يقضي على السنة الأولى ويسجل الأطفال في السنة الثانية عنده ، وسوف يقنع الوكلاء بذلك .
*= المقاربة الشمولية وقانونها التوجيهي يفترضان أقساما غير مكتظة بيداغوجيا فهما ينطلقان من وجود مدرس محاور للتلاميذ يتلقى منهم الردود ويجد وقتا لإدماج معلوماتهم من حيث الأهداف "السياقية" (ذات الأبعاد المشاهدة يوميا ).
والقيام بالورشات والبحوث التطبيقية ، في حين أن الواقع يشهد اكتظاظا فظيعا متوسطه ١٠٠ تلميذ في ٥ أمتار .
"= هناك شعب متعددة ليست الطواقم التربوية مهيأة لها حتى الآن .
*= الأجور والتحفيزات ضئيلة والميدان شاق يجعل المراوغة في الالتزام بالدوام شبه مستحيل .
وهو ما تنتج عنه كثرة التفريغ والإعارات والعطل المبررة وغير المبررة .
وفي حال غياب المدرس لا تكتمل المقررات فتفسد الامتحانات .
*= معضلة التعاقد فالعقدويون من مقدمات خدمات التعليم يرون أنهم اكتتبوا على أساس غير قانوني ، وأنه حان تصحيح وضعياتهم ، وأنهم لا يحتاجون مسابقة للتوظيف لأن مسابقة ملفهم كانت على معايير تصحيح تفوق معدل ١٣ ومن ثم لا حاجة لإعادة المسابقة مجددا .
كما أنهم يطالبون بعلاوة الطبشور وبالتأمين الصحي وراحة الأمومة وغير ذلك.
*= المظالم في الترقيات والتعليقات تؤرق جانبا كبيرا من الرسميين .
أضف إلى ذلك ما تحس به البلاد عموما من فساد وفتور تنموي وما كان متراكما مما لا يلام عليه هذا النظام وحيدا
وهو التدريس بغير لغة الأم
وضعف الأجور
والغش في الامتحانات
وضعف المستويات لدى الطواقم والتلاميذ
وعدم إمكانية طباعة المناهج في الوقت المحدد وفرض سياق للمنهج التربوي بأياد غير وطنية
وضعف البنى التحتية وهشاشة النفوذ إلى التعليم في الواقع الاجتماعي .
إذا عرف السبب زال العجب إذا .
ولا حاجة لكثير من التحليل في سرعة تغيير وزراء التهذيب لما يواجههم من مشكلات يربأ المسؤول بنفسه عن قبول التكليف بها إلا بضمانات سلطوية ومالية وقانونية تسمح له بالتصرف لما يعتبره مصلحة للبلاد والعباد وهو ما أظن ان الوزير السابق قام به والله تعالى أعلم .