
الدكتور محمدن بن محمد الحافظ: الحقيقة أن واقع التعليم في بلادنا في هذه الظرفية مزر تماما، وواقعه سيئ، لأن النظام التعليمي يقوم على أساس مردوديته الداخلية كنوعية المستويات ونوعية البضاعة الموجودة عند الطلاب من هذا النظام التعليمي أو المردودية الخارجية كنتائج الامتحانات والمخرجات، ومستوى تلك المخرجات وهذه المسائل عندما نقيِم على أساسها نظامنا التربوي (تعليمنا) نجد للأسف أن كل هذه المردوديات بلغت مرحلة متأخرة من الانحطاط ،وهذا ينعكس في نسب النجاح للأسف سواء في مسابقة دخول السنة الأولى إعدادية أو شهادة ختم الدروس الإعدادية، وحتى في نسب النجاح في الباكالوريا ،مع أن هذا الانحطاط ينعكس في التعليم العالي الذي سنتحدث عنه لاحقا.
إذًا هذا من جهة ومن جهة أخرى، إذا نظرنا إلى المستوى الذي يتمتع به تلميذ في السنة السادسة ابتدائية, ومن المفترض أنه قد أكمل البضاعة الأولى المطلوبة من التكوين القاعدي لكي يتجاوز إلى المرحلة الثانية التي هي المرحلة الإعدادية و الثانوية، ندرك للأسف أن بضاعته قليلة جدا ومهاراته في مستوى متدن جدا سواء في التفكير أو اللغة أو التعبير، من هنا ندرك أن التعليم الآن في مرحلة يرثى لها مما يستدعي تنظيم أيام تفكيرية أو ورشة وطنية يساهم فيها الجميع ،وتكون خالية من الجانب السياسي والتدخلات والإملاءات السياسية ،وتكون أيامًا الهدف منها فقط هو انتشال هذا النظام التربوي ولو كان ذلك الانتشال يتطلب إجراءات قاسية و جوهرية، بدون هذا فإن التعليم مع الأسف سيستمر في هذا الانحطاط الشديد إلى أن يصل إلى مرحلة الصفر.
موقع الفكر: ما أبرز مظاهر الاختلال في المنظومة التربوية؟
الدكتور محمدن بن محمد الحافظ: يظهر الاختلال في المنظومة التربوية للأسباب التي ذكرت سابقا من ضعف المردودية الداخلية وضعف المردودية الخارجية ،بالإضافة إلى أن هذا الاختلال يظهر في عدم وجود خارطة مدرسية معروفة ،وليست هناك قاعدة لافتتاح المدارس ،وقاعدة لإقامة البنى التحتية، فكأننا نسير الأحداث اليومية وما تأتي به الظروف اليومية، يعني هذا غياب البرمجة الواعية القائمة على رؤية أننا نريد في حدود سنوات معينة تحديد الجيل الذي نريد أن نبرزه، وهي الفترة التي يجب أن تتميز بتطور المعارف ورقمنتها وعالميتها.
التعليم لا بد أن يكون منطلقا من برمجة ورؤية للمستقبل، فالمستوى الذي نريده من الإنسان الموريتاني يحدده النظام التربوي، فالنظام التربوي يُعمل على ضوء ما يُراد أن يكون عليه الإنسان الموريتاني من بداية الطفولة الصغرى إلى أن يتخرج من الجامعة، فهذه الرؤية غائبة وهذا خلل كبير لا دواء له، ومن هذه الاختلالات ضعف الوسائل وعدم تناسبها في بعض الأحيان ،وعدم مراعاتها للأولويات وعدم مشاركة مختلف الأطراف والمعنيين بالعملية التربوية، فكون تسيير هذه العملية خاص بالوزارة أو القطاع المسؤول عن التهذيب الوطني ،وتابعة لفكرة المسؤول الأول. ولذلك نهج وزارة التهذيب الوطني هذه السنة ليس هو نهج السنة المقبلة إذا جاء وزير جديد وليس نهج السنوات الماضية لأنها كانت على رؤية وزير آخر، وهذا خطير؛ لأن الأشخاص يتغيرون ولكن الرؤية ينبغي أن تبقى هي نفسها والاستراتيجية ذاتها والثوابت على حالها. ولا شك أن هذا كله أدى إلى اختلالات بارزة في المنظومة التربوية يجب أن يُتصدى لها برؤية جماعية تشرك أكبر مستوى معين من الخبرة وكل من له عناية أو علاقة بهذه العملية يجب أن يشرك، وهو كثير، يبدأ من الوزارة وينتهي بآباء التلاميذ ويمر بالنقابات والمعلمين والمدرسين والسياسيين والشخصيات العلمية.













