كيف نفهم الإسلام (33) الرق والإسلام (6)/ محمدو البار

 

بعد ما فصلنا في المقال السابق في الأسئلة التالية : وهي من هم الأرقاء في موريتانيا و من يتحمل مسؤولية ذلك الاسترقاق القديم في موريتانيا وكيف التخلص منه قبل يوم القيامة؟

هذه الأسئلة تقدم الجواب عليها وبقي سؤال واحد منها وهو من المسؤول عن تنفيذ إنهائه وإنهاء آثاره إلي الأبد؟

هذا السؤال الأخير سنجيب عنه الآن بإذن الله  وبعد ذلك نكتب إصلاحا يتعلق برجوع موريتانيا إلي حياتها السعيدة عند الاستقلال وقد تحررت نهائيا من الرق والاحتجاج به أو آثاره.

فأقول أننا ولله الحمد دولة شعبها كله مسلم بمعني أن مشاكلنا يجب ألا يكونحلها إلا إسلاميا ليكون له البقاء.

ومعلوم أن الإسلام لم يأذن لأي فرد منه أن يقوم بالتنفيذ للأحكام أو أي تصرف يشمل جميع الشعب إلا تحت أوامر الإمام وحده أي من تكون قوة الشعب العامة تحت أمره.

إذن لا يجوز لأي وكيل علي أي شخص ولدا له أو سفيها أو يتيما إلا عن طريق الإمام سواء كان جهادا حتى ولو كان شرعيا أو إقامة حدود إلي آخره،  فالحدود الواجبة التنفيذ مثل القصاص والسرقة وما أشبه ذلك لا يجوز لأي أحد تنفيذها إلا  بأمر الإمام.

وعليه: فقد قدمنا في الحلقات الماضية أن الرق الذي كان في موريتانيا رق جاهلي تحرم ممارسته وأن ما ترتب عليه قبل سنة 1983 أي قبل صدور مرسوم رسمي من إمام البلد آنذاك طبقا لفتاوي العلماء لا يسأل عنه في الدنيا ولا في الآخرة إلا صاحبه المباشر له – لا الشعب الموريتاني ولا سلطته – فكما أن من  اغتصب أو سرق لا يتحمل تبعات ذلك في الدنيا ولا فى الاخرة إلا نفسه هو: {{أفمن هو قائم علي كل نفس بما كسبت}} وبما أنه كان غير متعمد لارتكاب جريمته ولذا احتاج لفتوى عن حكمه فإن ما يترتب عليه غير مؤاخذ به في الدنيا ولا فىالآخرة :{{ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}}، فقوله تعالي:{{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف}} إلي قوله تعالي:{{وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف}} تكرر هنا مرتين لاحتياج الإنسان في تأكيدها  وهيعامة في ارتكاب كل محرم من عمد.

أما بعد هذا التاريخ فهو الذي يتحمل فيه الإمام وأعوانه مسؤوليتهم بإنزال العقوبة الصارمة علي من تمادي، كما أن الآثار هنا تترتب علي صاحب الممارسة ولكن علي شخصيته مثل ارتكابه للجرائم الأخرى إذا كانت مالا فليرده وإن كان استخداما من غير أجرة فليؤدها وإن كان استباحة فروج فقبل القرار فإن شبهة الاسترقاق الديني تلحق الولد بأبيه، أما بعد المرسوم فإن من تمادي فقدادخل خطرا علي نفسه وعلي من يزعم أنه ولد شرعي له، فإن كان تمادي عن جهل أو تمرد فالخطر أعظم، أما إن كان  عن إعراض مؤل بنوع السلطات الحالية فإنه يحتاج لاستفتاء العلماء المتبصرين لا المغفلين مثله.

ولكن كل هذا لا وجه لمطالبة الشعب كله بتبعاته ولا تهميشه ولا عدم المساواة الاجتماعية في الحياة.

فتهميشبمجرد رؤيةالفقر من الله وهو واقع علي كل صنف في التاريخ بالمشاهدة مغالطة وعمى عن الحقيقة

وإذا كان سببه الجهل فثلاثة أرباع موريتانيا ذكورا وإناثا ومن كل لون أو أي مجتمع كانوا يمتنعون عن التعليم العصري وهم غير أرقاء وحتى التعليم العربي والإسلامي ما زال خريجوه بأكبر شهادة فيه فقراء مهمشين رغم كثرة خريجي جامعته لأن الدولة لم توظف إلا من تعلم لغة المستعمر ولو لم يحسن نطقها أو كتابتها.

فما هو الفرق بين ثقافة العاملين فوق "العربات" والحاملين لشهادات الجامعات العربية الإسلامية ؟ الأولون عندهم مهنة يعيشون بها والآخرون عندهم شوارع يمشون عليها فقراء أو حوانيت يفتحونها مثل أصحاب العربات.

فهذه الحقائق تقول لمن ينعق بما لا يسمع إلا دعاءاو نداء صم بكم عمي – أن المتكلم بباطل في الهواء مهما رفع صوته سوف تقوم شدة ريح الحقيقة في يوم عاصف ( في الدنيا والآخرة) باجتثاثه من فوق الأرض مثل أصل الكلمة الخبيثة ما لها من قرار.

فترديد كلمة التهميش والغبن والتمييز في العلاقات الاجتماعية دائما تراوح مكانها في الهواء لأنها لا أرض لها في الواقع تفسر عليه، ومن ترديدها في هواء الاستحالة هو جعل المساواة في العلاقات الاجتماعية بين المطالب الهوائية

فنخن الموريتانيون كل أحد منا يعرف الآخر كما يعرف أبناءه فأي شريخة في موريتانيا أو أقول أي مسميات في موريتانيا تميز أشكاله تجعل في نفسها هي  نبلاءوما دون ذلك فلا يستطيع الثاني أن يفكر في ما يقربه من الأول إلا ونزلت صاعقة منه عليه.

ولكننا أيضا نعلم جميعا أن من أشد سبب التباعد الاجتماعي هو الفقر ولو بين أبناء الأصل الواحد أبا وأما.

فمن قام بإحصاء  ماطراالآن بين الأسر المتباعدة اجتماعيا أًصلا فسوف يجد المال والامكانات المادية قد قاربت بينها في جميع العلاقات والمعاملات إلي آخره.

فالغني يقارب بينكل اثنين كان بينهما برزخ لا يبغيان، والفقر يسلخ الجلد عن العظم حتى لا يمكن تلاقيهما أبدا ولو كانوا اصلا قرباء

وأ ختم هذه الحقيقة بما رأته أم عيني من فعل غني لفقير  في هذا الصدد، فقد رأيت غنيا لا يضاف إلي النبلاء ولكنه غني وقد أعطي لرجل من أعظم النبلاء في قومه سيارة تكمل له نبله، وفي وقت كان الغني في زيارة لمدينة الفقير النبيل وقد دخل النبيلعلى الغني وهو راكب للسيارة التي أعطاها له وبدأ النبيل ( يمرس الأعضاء السفلي من الغني ) فقال الغني للنبيل :"احذر يدك لا  تمسجلدي إلا مع حائل عنه" بمعني يدك لا تباشر جسدي بهذه المكرمة التي هي أكبر اعتبار للشخصيات عندنا من النبلاء.

ملاحظة ذكرت سابقا أن هذه هي الحلقة الأخيرة من هذا الموضوع ولكن ستكون بعدها بإذن الله أخرى أرجو أن تكون الأخيرة.

محمدّو بن البار