متابعي موقع الفكر الكرام في إطار جهود الموقع لإنارة الرأي العام حول القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تأتي هذه المقابلة المهمة مع د. يربان الحسين الخراشي الباحث في مجال الصناعة الاستخراجية.
نص المقابلة:
موقع الفكر: تسعى سنيم إلى الانضمام إلى الخمس الأوائل لمصدري خامات الحديد من خلال رفع وتيرة الإنتاج؛ فهل يمكننا تحقيق ذلك في أفق 2025 ؟
د.يربان الحسين الخراشي: سبق للشركة الوطنية للصناعة والمناجم أن أعلنت عن برنامج "النهوض" خلال النصف الأول من 2013 م في فترة ذهبية للأسعار حوالي 140 دولارا للطن، البرنامج حينها كان يمثل رؤية الشركة لدخول نادي الخمسة الكبار المصدرين لخام الحديد دوليا، وذلك برفع إنتاجها إلى 40 مليون طن سنويا لكن للأسف الشركة وبعد تبديد أكثر من مليار دولار لم تحقق أي زيادة في الإنتاج بل على العكس خلال السنوات الأخيرة خسرت حوالي 20% من قدرتها الإنتاجة، حيث انخفض الإنتاج من مستوى 13.2 مليون طن إلى مستوى 10.7 مليون طن سنويا، وخلال السنة الماضية، وهذه السنة الجارية يتأرجح مستوى الإنتاج حول 12 مليون طن.
مؤخرا أعلنت الشركة عن استراتيجية جديدة للرفع من الإنتاج إلى حوالي 18 مليون طن في أفق 2024 و 24 مليون طن في أفق 2026، وتعتمد الإستراتيجية الجديدة تقريبا على نفس مشاريع برنامج النهوض الفاشلة، وقد يكون الفرق فقط في الحجم، وفي اعتقادي قد تتمكن الشركة في أحسن الأحوال من تحقيق الهدف الأول في غضون 6 سنوات، أما مضاعفة الإنتاج فمستبعدة جدا لعدة عوامل على رأسها صعوبة الحصول على التمويل اللازم لفتح منجمين جديدين هما: منجم افديرك الذي تشير بعض الدراسات إلى أن تكلفة تطويره قد تبلغ حوالي 180 مليون دولار، ومن المتوقع أن ينتج 3 مليون طن سنويا، وكذلك تطوير منجم ومصنع جديد في تزرقاف لإنتاج 6 ملايين طن من الخامات المركزة، وهو ما قد يكلف مئات مليارات الدولارات.
ومهما يكن من أمر فإن إنتاج 24 مليون طن سنويا قد لا يمكن من دخول نادي الخمسة الكبارالمصدرين، فحسب تقرير الرابطة العالمية للصلب لسنة 2018 يأتي ترتيب الدول الخمسة الكبار المصدر لخامات الحديد على التوالي أستراليا 887.4 مليون طن، و البرازيل 394.2 مليون طن، وجنوب إفريقيا 63.4 مليون طن، وكندا 47.7 مليون طن، ثم أوكرانيا 39.9 مليون طن. بقي أن نذكر أن موريتانيا قد تخسرمركزها كثاني دولة مصدرة لخامات الحديد في إفريقيا في أفق 2025 لصالح غينيا كوناكري بعد بدء الكونسورتيوم الذي تتزعمه شركة صينية في تطوير منجم سيماندو الغني إذ من المتوقع أن يصل الإنتاج في المرحلة الأولى إلى ما بين 60 -80 مليون طن سنويا.
موقع الفكر: عرف رقم معاملات شركة سنيم أخيرا تحسنا مهما في الأداء، فما الأسباب الحقيقية وراء هذا التحسن؟
د.يربان الحسين الخراشي: أعلنت شركة سنيم خلال السنة الماضية عن تحقيق حجم مبيعات يصل إلى حوالي 12 مليون طن، بقيمة 880 مليون دولار مثلت 33% من حجم صادرات البلاد، كما أعلنت عن تحقيق أرباح بلغت 105 مليار أوقية، ونعتقد أن هناك 3 أسباب رئيسية تقف وراء تحسن الأداء :
أولا: الارتفاع العام للأسعار، حيث بلغ متوسط سعر طن بالنسبة للخام القياسي خلال السنة المنصرمة 93.41 دولارا للطن بينما كان هذا المتوسط يبلغ 69 دولارا للطن 2018 ، ومن المتوقع أن يصل هذه السنة حوالي 103 دولارا للطن.
ثانيا: انخفاض تكلفة الطاقة التي تمثل نسبة معتبرة في تكلفة الاستخراج الإجمالية، حيث نحتاج إلى حوالي 30.74 كيلووات/ساعة لإنتاج طن واحد من الخامات، وقبل أيام أعلنت الشركة عن تسجيل انخفاض في تكلفة الإنتاج بمعدل 2 دولار للطن خلال العام الجاري، وفي اعتقادنا قد يكون هذا الانخفاض يعود --إلى حد بعيد-- إلى انخفاض تكلفة الطاقة، حيث انخفض متوسط سعر خام برنت من 71 دولار للبرميل سنة 2018 إلى 64 دولار سنة 2019، ومن المتوقع أن يبلغ 42 دولارا خلال السنة الجارية، وطبعا هذا الانخفاض ينعكس على المشتقات النفطية الأخرى.
ثالثا: زيادة الإنتاج بصورة عامة، وخاصة من الخامات عالية التركيز ( تركيز عنصر الحديد فوق 62 %) ، حيث ارتفع إنتاج الشركة من 10.7 مليون طن سنة 2018 إلى 12 مليون طن سنة 2019 ، و تتوقع الشركة تحقيق زيادة في الإنتاج بنسبة 8% خلال العام الجاري. وبالمجمل فإن العوامل التي وقفت وراء تحسن أداء الشركة عوامل أكثر ارتباطا بوضعية السوق العالمي من حسن أو سوء إدارة الشركة.
موقع الفكر: تتبع لشركة سنيم مجموعة من الشركات والمؤسسات الفرعية التي يختص كل منها بجوانب محددة من أعمال وخدمات الشركة الأم؛ فما تأثير ذلك على امتصاص البطالة؟
د.يربان الحسين الخراشي: تعمل شركة اسنيم في مجال التنقيب واستخراج ومعالجة وتصدير خامات الحديد، ومع ذلك ساهمت وبحصة تصل في بعض الأحيان إلى 100% في تأسيس على الأقل عشرة شركات تعمل في مجالات مختلفة على سبيل المثال لا للحصر شركة جمم الكرانيت والرخام في موريتانيا، وشركة صوماسرت، و شركة الصرف الصحي والنقل والصيانة (ATTM)، وشركة الضمان للتأمين.
سياسة الاندماج في مجالات اقتصادية قد تكون بعيدة عن نطاق عمل الشركة في بعضها حققت نجاحات مهمة في الماضي، وساهمت في خلق آلاف فرص العمل.
موقع الفكر:
تمتلك سنيم قطارا منجميا خاصا بها يربط المناجم في زويرات بالميناء المعدني بنواذيبو على طول سبعمئة كيلومتر، فما الضمانات الحقيقية التي تحقق صيانته؛ والمحافظة عليه؟
د.يربان الحسين الخراشي: تملك شركة سنيم قطارا منجميا خاصا بها يربط المناجم في ازويرات بالميناء المعدني بانواذيبو على طول 700كلم، ومن أجل ضمان حركة القطارات على الطريق الوحيدة، توجد تسع وصلات جانبية للتبديل موزعة على طول الطريق، مما يمكن من تقاطع القطارات الفارغة مع تلك المشحونة، كما يوجد قطاعان تابعان للشركة يتوليان مسؤولية صيانة القطار والسكة هما: القطاع 600 والقطاع 500، ويملك القطاع الأول على الأقل ست قواعد على طول خط السكة تتولى مسؤولية السهر على صيانة خط السكة، هذا بالإضافة إلى ورشات تصنيع عجلات وعربات القطار المعدني، ومصنع العارضات الخرسانية إلى غير ذلك من ورشات تصنيع القطع الضرورية للصيانة، وهذا ما يضمن للشركة الصيانة و المحافظة على السكة الحديدية، والقطار، وبالتالي ضمان شريان الحياة للكثير من القرى والرحل في الشمال الموريتاني حيث الظروف المناخية القاسية.
موقع الفكر: افتتحت شركة سنيم في 25 يونيو 2013 بمدينة نواذيبو أكبر ميناء منجمي في البلاد بتكلفة بناء بلغت 210 ملايين دولار، تولت شركة سنيم توفير43 % منها من مواردها الذاتية؛ فما الآفاق التي فتحها هذا الميناء ؟
د.يربان الحسين الخراشي: لقد سبق وأن تم تشين الميناء المذكور يوليو 2013، حينها قال مدير سنيم في مكبر الصوت أمام رئيس الجمهورية، وأمام الشعب الموريتاني "أن الميناء المعدني الجديد قادر على استقبال سفن تصل حمولتها إلى 250 ألف طن، وأن بناءه كلف 210 مليون دولار"، و لا يزال هذا الخبر منشورا على موقع الشركة تحت عنوان رئيس الجمهورية يدشن الميناء المعدني الجديد، وقد تفاجأنا يوليو 2018 بصدور بيان صحفي جديد يتحدث عن رحلة استدانة جديدة لتمويل بمبلغ 109 مليون دولار لصالح الميناء المعدني من البنك الأوروبي للاستثمار، والبنك الإفريقي للتنمية وذلك من أجل تجريف الميناء، أما المفاجأة الأكبر فهي تضمين المشروع ضمن الاستراتيجية الجديدة المعلنة قبل أيام، لذلك الحديث عن الآفاق لايزال مرهونا بالمستقبل، ومدى استكمال الأعمال، وهل فعلا سيكون قادرا على استيعاب سفن تصل طاقتها إلى 250 ألف طن.
صحيح أن هذا المشروع مهم جدا لتقليص تكاليف الشحن البحري التي تعتبر عاملا مؤثرا في تسويق خامات بلادنا آسيويا، حيث تصل تكلفة نقل طن واحد من الخامات الموريتانية إلى الصين السوق الأكبر عالميا إلى حوالي 27 دولارا للطن، بينما تنخفض هذه التكلفة إلى 12 دولارا بالنسبة لجنوب إفرقيا ، وحوالي 8 -13 دولارا بالنسبة للبرازيل، و 4 – 8 دولارا بالنسبة لأستراليا.
موقع الفكر: ما أهمية معدن الحديد بين المعادن وماهو دوره في الصناعة؟
د.يربان الحسين الخراشي: الحديد هو العنصر الوحيد من العناصر المعروفة الذي تسمت به سورة من سور القرآن الكريم " سورة الحديد"، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وهو المكون الأساسي للنواة الداخلية للأرض منشأ المجال المغناطيسي للأرض، ولو فقدت الأرض مجالها المغناطيسي لن تستطيع أن تمسك بالغلاف الجوي الذي يحميها من الأشعة فوق البنفسجية، وكذلك الغلاف المائي، كما أن الحديد يلعب دورًا هامًا في إنتاج اليخضور في النباتات، وهي مادة تُكسب النباتات اللون الأخضر، ولها أهمية كبيرة في عملية التمثيل الضوئي، أما لدى الحيوانات فهو المكون الرئيسي للهيموجلوبين (البروتين المسؤول عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى الأنسجة المختلفة في باقي أنحاء الجسد) ونقل ثاني أوكسيد الكربون إلى الرئتين لنقه خارج الجسم.
أما عن دوره في الصناعة فهو العمود الفقري لجميع الصناعات المدنية والعسكرية، حيث يقال أن النفط هو الدم الذي يجري في شريان الصناعة، والحديد غذاؤها، والصين قاعدتها، لذلك حياة البشرية على الكرة الأرضية وإعمارها يتوقف على وجود عنصر الحديد، وهذه ربما هي المنافع التي ذكرها القرآن الكريم لكن لاحظوا معي أن الآية الكريمة قدمت البأس الشديد على المنافع. فهل يكون العنصر الذي تتوقف الحياة على وجوده هو السبب في الفناء أيضا .. الله أعلم.
موقع الفكر:ما مستقبل تصنيع الحديد أو الصناعات المستندة عليه؟
د.يربان الحسين الخراشي: تعتبر صناعة الحديد و الصلب ثاني أكبر صناعة في العالم بعد النفط والغاز بحجم أعمال يصل إلى حوالي 1.2 تيرليون دولار سنويا، وتساهم بحوالي 96 مليون فرصة عمل حول العالم ، ويستخدم الصلب في كل الصنعات المهمة الأخرى خاصة قطاع الإسكان والبناء والتشييد الذي يستهلك حوالي 52% من الإنتاج العالمي من الصلب، و صناعة المعدات التي تستهلك 16%، وصناعة السيارات التي تستحوذ على حوالي 12% من الصلب، وتتربع الصين على عرش العالم في كل ما يتعلق بهذه الصناعة، حيث تستحوذ على نسبة 51 % من صناعة الصلب، وحوالي 70% من التجارة العالمية لخامات الحديد المنقولة عبرالبحار . أما مستقبل هذه الصناعة فهو مستقبل واعد طالما هناك إعمار وبناء وتشييد ونتوقع أن تشهد السنوات القلية القادمة نموا جيدا لهذه الصناعة نتيجة للسياسات المتبعة عالميا من أجل تنشيط الاقتصاد والخروج من الركود الذي سببته جائحة كورونا ،ولو أخذنا الصين كنموذج سنلاحظ أن خطتها للإنعاش الاقتصادي تركز كثيرا على البنية التحتية المستهلكة للصلب، كما نعتقد أن عالم ما بعد كورونا قد يشهد عودة الدول الكبرى إلى الصناعات الثقيلة بعد اكتشاف خطورة الاعتماد شبه الكلي على سلاسل التوريد العالمية، وهذا ما سيزيد من الطلب على الصلب العمود الفقري لكل الصناعات.
موقع الفكر: هل تخسر سنيم من تصدير الحديد الخام بدل الحديد المكور أو النقي؟
د.يربان الحسين الخراشي: هذا السؤال في الصميم في الحقيقة ما دمنا بعد 60 عاما من الاستقلال مازلنا نطرح هكذا تساؤل، ولم نتقدم قيد أنملة إلى الأمام نحو الصناعة التحويلية التي تخلق قيمة مضافة أكبر، وفرص عمل أكثر، وإيرادات أفضل فهذا وحده يكفي من تشخيص للفشل الذريع في تثمين مواردنا المعدنية، وتبيان مدى الخسارة الكبيرة للشركة لعدم تقدمها إلى المجال الأهم ألا وهو الصناعة.
آمالنا في التحول إلى صناعة الصلب كبيرة خاصة مع الحديث عن مستقبل واعد للطاقة الرخيصة من الغاز، كما أن الغاز نفسه يستخدم في إنتاج الحديد الصلب، فمن المعروف أنه من أجل تحويل الحديد الخام إلى فلز الحديد تتطلب العملية حرارة، وعامل إختزال، وهناك طريقتين رئيسيتين الفرن العالي الذي يستخدم فحم الكوك كعامل اختزال أو الاختزال المباشر الذي يستخدم الغاز الطبيعي، هذا بالإضافة إلى الحديث عن شراكات واعدة مع بعض الدول العربية في هذا المجال خاصة المملكة العربية السعودية. التحول إلى صناعة الصلب مهم جدا للعب بلادنا دورا محوريا والاستفادة من الشراكات والتكتلات الاقتصادية شمالا وجنوبا قد يكون انتحارا اقتصاديا الدخول في منطقة التجارة الحرة الافريقية و الرجوع إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا دون امتلاكنا لبضائع وسلع نصدرها وليس هناك بضاعة أهم وأغلى من الصلب أساس البناء والعمران الذي تحتاجه المنطقة كلها.
موقع الفكر: ماهو مستقبل وٱفاق سوق خامات الحديد العالمية٠٠٠؟
د.يربان الحسين الخراشب: يبدو لي أن صدمة مثل جائحة كورونا بهذا الحجم لابد أن تترك تأثيرا كبيرا على المدى القريب والبعيد و في تاريخ البشرية الطويل هناك حوالي 4 عوامل تقف وراء إعادة بناء المجتمعات وتغيير كل شيء ألا وهي المجاعات والأوبئة والحروب والثورات الصناعية ونحن الآن أمام عاملين اثنين. ولذلك بدأ التأثر يطال مختلف مراحل صناعة الحديد والصلب العالمية، ومنذ يناير المنصرم أكملت مجموعة باوستيل الصينية، وشركة Vale البرازيلية، ومجموعة BHP Billiton الأسترالية ومجموعة Rio Tinto ، تسويات باليوان، وهو ما يعني إقبال الشركات الكبرى على التسوية بالعملة الصينية اليوان في تجارة المادة الخام.
وهذا يعني أكثر أنهم يشعرون بخطر إمكانية فقدان حصتهم، لذلك يتهافت الجميع على البيع بالعملة الصينية، سعيا للحفاظ على الزبناء قبل زيادتهم وتنويعهم في السوق الأكبر عالميا، كما أنه هناك اتجاها عالميا لرقمنة التجارة العالمية لخامات الحديد؛ حيث أنشأت الصين منصة العقود الذكية (ICP)، التي من خلالها تم إجراء صفقة لعملية بيع لخامات الحديد بين ريو تينتو وشركة صينية محلية، وهو ما قلص مدة إنشاء وإصدار وإقرار عقود بيع المادة الخام من عدة أيام إلى أقل من ساعتين.
رقمنة تجارة خامات الحديد تلغي نهائيا دور الوسيط المحلي والدولي الذي في حالة شركة سنيم يستحوذ على نسبة معتبرة، يعتقد البعض أنها في مراحل معينة كانت أكثر مما حصلت عليه ميزانية الدولة من اسنيم.
انتشار الوباء عزز أيضا من التوجه العالمي إلى المناجم الذكية؛ حيث بات من الواضح أن الوضع الوبائي ليس له تأثير ملموس على عمليات الإنتاج في أستراليا أكبر المصدرين، نظرا للدرجة العالية من تحقيق المكننة في مناجمها؛ فمع وجود الشاحنات ذاتية القيادة وحتى قطار نقل الخامات ذاتي القيادة كان الدورالبشري محدودا، وبالتالي لم يتأثرالأستراليون، عكس ماحدث في دول أخرى مثل جنوب إفريقيا والهند والبرازيل.
التوجه العالمي إلى التسوية بالعملة الصينية وحسب المؤشر الصيني، ورقمنة التجارة العالمية لخامات الحديد، و مكننة المناجم سيكون لها ما بعدها ويمكن تلخيصها أن الوباء ساعد في تسريع وتيرة تحكم الصين في السوق العالمي لخامات الحديد أن يكون لها صوت قوي في عملية وكيفية التسعير مستقبلا وهذا ما يتطلب منا مستقبلا المزيد من الانفتاح على هذا البلد الصديق فالتوجه شرقا - على الأقل - سيضمن الحفاظ على حصتنا، بل مضاعفتها في السوق الصيني في ظل توجه الصين إلى نقص الاعتماد على أستراليا، كما سيسعادنا على تقليل خطر المنافس الجديد في المنطقة منجم سيماندو الغيني، وتخفيف الضغط على احتياطيات البنك المركزي من الدولار.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
د.يربان الحسين الخراشي:
العالم مقبل على تغيرات دراماتيكية لسلسلة الإمداد العالمية، و التجارة العالمية، وكذلك سوق رأس المال العالمي، وهو ما قد يتيح لنا الفرصة للبحث عن موطئ قدم في عالم ما بعد كورونا أحسن من موقعنا الحالي في قاع السلسلة الصناعية كدولة مصدرة فقط للمادة الخام.
علينا أن نغتنم فرصة تشكل عالم ما بعد كورونا، و نسعى بكل جهد إلى تغيير معادلة مستقبلنا المرهون بأسعار المادة الخام بالتقدم إلى الأمام نحو الصناعة التحويلية التي تخلق قيمة مضافة أكبر، وفرص عمل أكثر، وإيرادات أفضل ، مما سيساهم في بناء اقتصاد مزدهر ومتنوع، وهذا ما سيمكننا في نهاية المطاف من كسب رهان التنمية المستدامة الشاملة عن طريق تطوير ثرواتنا المتجددة (الثروة السمكية والحيوانية والزراعية) والرفع من أدائها في اقتصاد بلادنا حتى تصبح هي المحرك الأساسي لنموه بصورة مستدامة وشاملة، ونتمنى من الاستراتيجية الجديدة للقطاع أن تساهم في تعزيز دور الثروة المعدنية في الحد من الفقر، وتعزيز الرخاء المشترك والقضاء على الفوارق الاجتماعية.