كيف نفهم الإسلام (34) الرق والإسلام (7)/ محمدو البار

لقد استعرضت في الحلقات الماضية من هذا العنوان : الرق والإسلام في موريتانيا أي جميع العناصر التي تهمنا نحن الشعب الموريتاني المسلمكله.

وقد لخصتها فيما يلي:

أولا: هل كان الرق في موريتانيا رقا شرعياإسلاميا؟

ثانيا: من هم الأرقاء في موريتانيا من العرب السمر الناطقين العربية (لغة الأم)

ثالثا: من يتحمل تبعات ذلك الرق في الدنيا وفي الآخرة؟

رابعا: كيف التخلص منه ومن تبعاته قبل الموت؟

خامسا: من المسؤول عن تنفيذ إنهاء الرق وتبعاته في موريتانيا؟

وملخص هذه الأجوبة المبسوطة في المقالات الماضية هو أن الرق في موريتانيا كان رقا جاهليا بمعني أنه غير شرعي لعدم وصول الجهاد الإسلامي الشرعي الذي هو الوحيد المبيح للاسترقاق إلي هذه البلاد بل الإسلام دخل هنا عن طريق دخول أهله الذين نشروه بالحكمة والموعظة الحسنة. ولكن لامانع اونؤكد انه كان موجودا قبل الاسلام.

وبينت أن موريتانيا لأجل إسلامها كلها وقدم هذا الرق غير الشرعي فيها فقد أدخلته بعد ماوجدته امامها في الرق الإسلامي وتطبق فيه بعض أحكامه.

ولطول تلك المدة أصبحت هناك شبهة في المعاملة في ذلك الاسترقاق مثل الإخدام والدخول بالإناث من غير عقد إلي آخره: فكل ما وقع من هذا قبل صدور المرسوم من السلطة الحاكمة سنة 1983 بعد استشارة العلماء فتكون فيه شبهة تلحق كل مستولد بأبيه وتبيح الاستخدام غير المعوض الذي كاناولاغير متعمدووقع مقابل الأهلية من جميع ضروريات الحياة إلي آخره.

ولكن الاسترقاق بعد صدور ذلك المرسوم وتوابعه أصبح تجاهل حرمته يؤدي إلي حرام له حكم آخر يسأل العلماء عن تبعاته كمثل أي اعتداء غيرمشروع.

وأوضحت هناك أن تبعية هذا الرق بأنواعه لا تلزم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا من استرق، فالإسلام ليس فيه تبعات يتحملها غير من ارتكبها.

أما المسؤول عن تنفيذ إنهائه نهائيا وإذا كان فيه أي تبعات يلزم بأدائها لأهلها فهو رئيس الدولة طمع أن كل شخص يلزمه الإسلام  شخصيا بإرجاع المظالم  لكن هو نفس اذا لم يفعل فالمسؤول عن إجباره علي ذلك هو رئيس الدولة وحده.

كل هذا كتبت فيه من التفصيل في تلك المقالات ما يقنع المهتم إذا كان مؤمنا وقلبه مطمئن بالإيمان، ولكن ماذا بقي أن نختم به تلك المقالات في نظري؟

إن الموريتاني أيا كان لونه أو لغته مشتركون جميعا في الإسلام، والإسلام بين رسوله صلي الله عليه وسلم في بلاغة كلامه وإحاطته بالمعني في قوله: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره إلي آخر الحديث، ما يغني عن التفصيل عن كيف يتعايش المسلمون.

وهذا ولله الحمد كان هو الذي تسير عليه الحياة الموريتانية، حتى أن الأرقاء كما نعلم كانوا من ضمن الأسرة يعيشون كما تعيش ومحميون من كل طارئ كباقي الأسرة.

ومن أهم تلك الحماية الجماعية هو وجود تلك القبائل المتضامنة بجميع طبقاتها الاجتماعية وبألوانها وبمجرد عقد تضامني في حياتها كان الجميع كما أراد الله له بجعله شعوبا وقبائل للتعارف، ومعلوم أن كلمة التعارف المنطوقة في القرآن معناها بالعربية مفاعلة بين اثنين فما فوق، بمعني أن التعارف هنا يعني التضامن في كل الحياة  ولذا فسر الفقه الإسلامي الشارح لأصول الإسلام أن كل أفراد القبيلة يلزمهم بقوة القانون الإسلامي التضامن فيما بينهم، مثلالترغيب في تقديم الأقربين في الإنفاق علي غيرهم  ومنهم الارقاء السابقون اذاكانوفقراء مثل الاقارب نسبا الاخرين

 فقد فرض الإسلام علي كل فرد من القبيلة أن يكون داخلا في تحمل ما يلزمها في  العموم مثل الدية.

وعليه فبما أننا نحن الموريتا نيين كنا بهذا التضامن قبائل بجميع أفرادنا حتى جاء من حاول ويحاول أن يفرقنا ألوانا عن التضامن الأهلي الذي كان بيننا، وذلك لتكوين مصطلح آخر له مردودية دنيوية مادية يجتمع أهلها ساعة المادة ويتفرق بعدها لا يربطها أي قرابة ولا أهلية ولا شيء غير تلك المادة والوقت الحالي للانتفاع، حتى كثر كلمة التعايش والتفرقة والتهميش إلي آخر مصطلح أداة التفرقة الجديدة- فإن الرد الحاسم علي تلك الدعوي المخربة المفرقة: هو الرجوع بقوة إلي نظام القبيلة الذي جعله الله يؤدي إلي التعارف بينن لمسلمين وما تقتضيه كلمة التعارف من القرابة والتضامن.

وما زال ذلك ممكن جدا لأن كثيرا من القبائل ولاسيما القبائل الكبيرة المختلفة الألوان لما في تاريخها من إيجابية هذا التضامن والتعارف لم تدخلها هذه الدعاية اللونية الجديدة.

فأكثر تلك القبائل ما زالت متضامنة بحيث لو نجح أي لون منها في أي وظيفة يحصل منها مهنة الانتفاع للجميع لكان ذلك مغنما لجميع ألوانه وطبعا تتقاسم جميع القبيلة بألوانها ذلك الفرح والانشراح بنجاح أي أحد منها أي كان لونه كما نعلم جميعا.

ونظرا إلي مادية الدعاية الجديدة الخاصة بالألوان فإن كثيرا من الألوان لم يأخذها حتى الآن مأخذ الجد لأن الحياة الأهلية ولعدة قرون لا يمكن أن ينسفها حياة نفعية مؤقتة فقط.

ودليل هذا أنه وحتى الآن ما زالت القبائل تدفع الدية متضامنة بجميع ألوانها زيادة علي التضامن في مناحي الحياة الأخرى.

وإن أقرب طريق لذلك شرعية هو الرجوع بقوة إلي القيام بتآزر ورعاية التضامن القبلي كما أراد الله وتفتح الدولة الأذن له مراعية للقبيلة خاصة بجميع ألوانها وتؤطره وتعتبر نتائجه إذا كان فيه تضامنا أهليا مشتركا بمعني التأطير المباشر للإجتماع القبلي اللوني سواء كان من طرف قبائل عرب اوقبائل موريتانية بألوانها أو قبليا في مواطنينا الزنوج حسب اتحاد لغتهم.

أما المختلفون لغة فلا يسمح لهم بالاجتماع إلا عن طريق الأحزاب السياسية أو الهيئات الخيرية إلي آخره.

ولكن كل هذا لا بد له من سلطة ترعاه رعاية المسؤول الأول عن أهله ووطنه إلي آخره.

فهذه الدعاية المفرقة لم تكتسب نجاحها إلا بسبب عدم تحمل مسؤولي الدولة لمسؤوليتهم التي ألزمهم الله بها شرعا.

وهنا يقول صلي الله عليه وسلم : ((ما من راع يسترعيه الله رعية يموت عنها يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)).

يقول الله تعالي:{{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}}